أنت مكافأتي ډفنا عمر
وصل إليه حديثه معها ودلالته الواضحة..عيناه تبرق وهو ينظر إليها.. بريق يعكس لها غموضا يستجديها لتحل طلاسمه وتتفهمه وتعطيه فرصة..كيف
____________
تراقبه من بعيد وهو ينتظرها وكل حين يتفقد ساعة معصمه لا يدري أنها هنا منذ أقل من الساعة عشرات المرات تأخذ قرار بالذهاب إليه فتتراجع بتردد وارتباك يغمراها.. لا تعرف كيف طاوعته وجاءت تقابله بهذه البساطة.. لم تفعلها قبلا مع أحد تاريخها كله لا يحوي موعد غرامي واحد مع أحدهم.. دائما صارمة حازمة لا تلين بقول أو فعل.. مهلا مهلا.. هل قالت موعد غرامي كيف تطرق عقلها لهذا الخاطر دون غيره حتما تبالغ هو مجرد لقاء عادي مع شخص عادي وسينتهي نهاية عادية.
اللقاء وصاحبه ابدا ليس عاديا.
_ السلام عليكم.
ألقت تحيتها المقتضبة مقاطعة أفكاره فرد قائلا
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. اتفضلي.
تنحنحت قبل أن تهتف معلش اتأخرت عشان.
_ مش مهم. مهما اتأخرتي كنت هستناكي ياشمس..
_ تشربي ايه
قالها وهو يسحب لها مقعدا بفعل مهذب لتجلس عليه فقالت وهي تأخذ مكانها قبالته ليمون بالنعناع..
طلب ما قالت مع فنجان قهوة له وانتظر أن يأتيه ثم
_ الحمد لله..
_ أنا بشكرك انك جيتي تقابليني يا شمس ده معناه انك فعلا بقيتي تثقي فيا..
حاولت أن تتحدث بهدوء خافية توترها أنت شغال معانا من حوالي سنة يا جسار واكيد دي فترة كافية اني أشكل عنك فكرة منصفة عن الأولي.. مع استغرابي طبعا انك اتحولت من النقيض للنقيض.. أنا صحيح هاجمتك قبل كده بس لما جت فرصه عدت تقيمك تاني عشان مبقاش ظالماك لأني محبش بشكل عام اظلم أي حد..
أشار لها لتتناوله بينما ارتشف القليل من قهوته ثم أخذ نفسا عميق وزفره قائلا بصوت بدت نبرته عميقة كمن يطلق عنان مشاعر مكبوتة داخله
_ طول عمري كان جوايا حاجة تعباني ومسببالي شعور بالنقص وخلل وفراغ في حياتي هو السبب الرئيسي اني كنت بعمل علاقات كتير في الماضي.. كأني كنت بحاول ألهي عقلي عن التفكير والأسئلة اللي كل يوم بتزيد.. ليه بابا مش بيحبي ليه ملامحي مخصماه ومش طالعة شبهه ولا حتى شبه ماما أو أخويا وليه ماما عمرها ما أخدتني في حضنها وحكت ليا حكاية عشان انام على صوتها زي أي طفل مع أمه ليه مش بتدعيلي زي ما بتدعي لاخويا رائف.. ليه هي كمان بحسها مش بتحبني وليه دايما عايزين يكونوا بعيد عني ليه وليه وألف ليه كانت بتصرخ في عقلي كل يوم ومفيش إجابات لأسئلتي..الوحيد اللي حبني بجد هو جدي نادر اللي برضو مفيش بيني وبين ملامحه أي شبه دوامة حيرتي كانت بتبلعني كل يوم عن التاني وتخنقني.. حاولت أهرب بشكل تاني.. نجحت واجتهدت في شغلي وفعلا قدرت الاقي نفسي في حاجة اكتشفت اني بارع فيها..متعة غريبة ماتساويش كنوز الدنيا لما بسمع دعوة مظلوم رجعتله حقه..دعوات بتعوضني اللي اتمنيته من اقرب الناس ليا.. أو اللي افتكرتهم أقرب ما ليا.
_ أخر مرة وانا بستقبل ماما وبابا في المطار ابتديت اتأكد من ظني وبابا بيمنع ماما تقرب مني وتسلم عليا حتي لو عمري ما شوفت منها حنينة. بس يكفي اني عارف انها أمي اللي مشتاق ليها لكن قصاد لهفتي ناحيتهم مالقيتش غير برود وجمود من بابا وماما حيرني في امرهم اكتر وقتها أخدت قرار اني لازم اعرف إجابات شافية لأسئلتي تريحني..بس ماكنتش اعرف إن الجواب اللي بدور عليه هيكون خناجر ترشق في قلبي وروحي باپشع طريقة وانا بسمع امي بتصرخ في جدي وتقوله مش هسمح واحد لقيناه في الشارع يقاسم ابني في الميراث.
ولم ينسى ذكر خيبة أمله بفقد أثر والديه بعد أن حاول شرطي قريب لصديق رائف التقصي عن الحاډث ولم يثمر البحث سوي أن أصوله مصرية ولا شيء أخر..كما أخبرها كيف أتي العم أمين ذاك اليوم وعرض عليه العمل معه بأكثر أوقاته حاجة لبداية ومعنى جديد لحياته.
ختم حديثه معها بتلك الكلمات وهو يراها تكفكف دموعها الغزيرة بمحرمة ورقية هامسا لها
_ هو ده جسار يا شمس.. الشاب اللي اكتشف انه ولا حاجة.. ميعرفش لأهله طريق.. ولا حتي أسم أبوه وعيلته ايه عنده اخوات أعمام خالات ميعرفش أي حاجة..الشخص اللي قدامك ده حياته صفحة مش مسطورة فيها غير دموع وحزن وۏجع لأنه مايعرفش جذوره نبتت في أي أرض..وده أسوأ شعور ممكن حد يعيشه يا شمس.
انتبه أخيرا أن شهقاتها بدأت تعلو باڼهيار فصاح بفزع كأنه كان في غفوة لم يفق منها سوي الآن شمس انتي پتبكي قالها وهو يلتقط
عدة محارم ورقية ويقدمها لها برجاء عشان خاطري كفاية عياط وأسف اني بكيتك بالشكل ده مش قصدي والله أنابيب كنت محتاج اشارك مشاعري وكل أسراري.
حاولت السيطرة علي نحيبها وهدأت قليلا قائلة بصوت مبحوح عارفة انك مش قاصد ياجسار.. بس مقدرتش اتحمل المأساة اللي عشتها..حقيقي تجربة صعبة اوي على اي حد.
تنهد بصبر ورضا علمته له الأيام الحمد لله علي كل حال يا شمس.. ربنا كتبلي الحياة رغم اني كانت كل مقومات مۏتي مع والدتي أكيدة..لكن بعتلي اللي يسمع صړختي وينقذني من المۏت.. وده له حكمة يمكن تبان بعدين..
_ فعلا كل حاجة بتحصلنا ليها حكمة وسبب.. المهم انك ترضي بحياتك ياجسار.. انت كنت ممكن تبقى شخص ضايع أكتر من كده لو محدش علمك ورباك كويس.. لكن بالعكس جدك صانك وحبك ولسه بيحبك زي مابتقول وبقيت شخص ناجح وليك قيمة ومستقبل يشرف.. أرمي اللي عرفته وري ضهرك وكمل مسيرتك وربنا يعوضك بالخير..
حدجها بنظرة دافئة وهو يهمس أمال أنا ليه طلبت أقابلك ياشمس.. ماهو عشان كده..
_ كده اللي هو ايه مش فاهمة
_ العوض يا شمس عوض ربنا ليا اني اعمل العيلة الدافية والعزوة اللي اتحرمت منها.. أني ازرع نبتة حب تكبر وتضلل عليا وتشبعني بضلها بعد الجفا اللي عشته طول عمري عرفتي ليه فتحتلك قلبي
صمتت مآخوذة تنظر له بتيه ليكمل بعثرتها بكلمات فتت جدار ثباتها أرضا
_ تتجوزيني ياشمس
تقبلي تشاركيني حياتي زي ما شاركتيني في قلبي
جخظت عيناها لا تصدق ما سمعته.!
تتزوج هي وجسار كيف
ليبرز بغتة صوت بين أفكارها
صوت لخاطر تخافه
سارة!
ماذا لو ابنة العم مازالت تحبه!
______
رواية صړخة على الطريق
بقلم ډفنا عمر
الفصل التاسع
لا تحاول البحث عن حلم خذلك
واغزل من حالة الانكسار عناقيد حلم جديد وحياة أجمل
و مهما حل الظلام بعالمك واستحكمت حلقاته
لا بد أن يبزغ من نافذة الكون شعاع مشرق.
كفيل بتبديد ظلمات روحك لطاقات مفعمة بالنور.
رجل بفراسته وذكاءه لن يغيب عنه مسار أفكارها هو يعلم ما يجول بعقلها الآن ويفهم ويقدر دوافعها وقلقها الذي غبر ملامحها الجميلة فتمتم جسار بهدوء
_ سارة زي اختي يا شمس..
تعجبت منه فكأنه قرأ خاطرها وسمع لصوت ضميرها ليواصل باستطراده واظن ده بقي واضح ليكي الفترة اللي فاتت سارة سعادتها الوحيدة مع آدم والحمد لله انها فهمت ده دلوقت ومنتظراه يمشي أول خطوة ناحيتها.
_ يعني انت بجد مش بتحبها
تساءلت بشك مازال يراوضها فقال ليغمرها بتأكيد يورثها الراحة حب واحد لواحدة لأ.. أقسم بالله ولا مرة شوفتها غير إنسانة برتاح ليها وبخاف عليها بدون اي غرض كأنها أخت ومش اكتر من كده.
_ طب وأنا
مالت أكتافه للأمام بوضع يوحي بالاهتمام الطاغي ودنى بوجهه قليلا من محياها وهو يرتشف ملامحها بنظرة جعلتها تبدو كبقعة دماء حمراء من فرط الخجل وهو يهمس بصدق لا يشوبه قطرة كڈب انتي حبيبتي ياشمس لما تخيلت اعمل عيلة مشوفتش في عيوني غيرك انتي أم ليهم..أنا بحبك ياشمس وده اللي بقيت متأكد منه بحبك ونفسي تكوني وطني اللي بدور عليه بعد طول غربتي ووحدتي.. علي شعرك ليلي الحالك هينور بنجوم عنيكي..في قربك هلاقي الدفا والحنان اللي اتحرمت منه وينتهي الشتات اللي عايشه ها قلتي ايه موافقة
صمتت لكن داخلها اصوات صاخبة تحتفل بما سمعته للمرة الأولى من بين شفتاه عيناه نطقت بالصدق صوته لمس بحرارته شغاف قلبها البكر هدهد أنوثتها التي لم ترتوي بطوفان هذه المشاعر من قبل هو اول من فعل ويالا غرابة الأمر بأكمله فإن راجعت تاريخهما معا لن تجد سبب منطقي يوصلهما لنتيجة كهذه لكن منذ متى كانت اقدارنا يشكلها المنطق وحده النصيب من يجرف تيارها إلينا.. نكست رأسها ووجهها مخصب بالحمرة لفتاة قليلة الخبرة في ساحات العشق و بدلال يليق بمثلها
هفكر.
قفزت سارة من الفرحة تهلل گ الطفلة
جسار طلب ايدك لا مش قادرة اصدق ياشمس بجد أنا عايرة ازغرط بس مش بعرف..
أجابتها برصانة تميزها يابنتي اعقلي هتفضحينا وبعدين أنا لسه بفكر أصلا..
_ ياشيخة روحي بتفكري في ايه هو ده عريس يترفض ده تقريبا مافيهوش عيب..
صمتت شمس ورغما عنها راحت ترمقها بنظرة ذات مغزي أدركتها سارة جيدا فاقتربت منها مبتسمة مع قولها عارفة عيونك بتقول ايه بس اطمني ياشمس..أنا قبل
كده أكدت لك ان مشاعري ناحية جسار فعلا أخوية.. وإلا كان رد فعلي اختلف تماما لو كنت بحبه.. بالعكس انا حقيقي فرحت عشانكم جدا وفوق ما تتخيلي.
بشك لا تملك إخراس صوته بشكل قاطع يعني بجد ياسارة مفيش حاجة جواكي ناحيته
بحسم أجابتها نهائي.. وبعدين يابنتي انا