عينيكِ وطني و عنواني للكاتبة أمل نصر
صاحب الصوت الجالس حول احدى الطاولات الصغيرة ملوحا له ببده واليد الأخرى ممسكة بذراع الارجيلة في المقهى القريب .. زفر بضيق قبل ان يذهب إلى صديق الطفولة.. سعد .. والذي كان احد الأضلع الثلاثة لمثلث الصداقة الذي جمعت بين الاثنان سعد وعلاء وابن الطبيب الشهير كرم الوالي ..عصام .. والذي انضم اليهم في الجامعة فوطد صداقته معهم لدرجة جعلته يرتاد حارتهم بشكل يومي حتى ظنه الناس من اهلها ..هذا قبل ان تنتهي صداقتهم معه بصورة مأساوية وبفضل امرأة ايضا !!
ايه ياعم ماشي كدة على طول ولا اكن ليك صحاب
تعانق الاثنان بحضن اخوي قبل ان يجلس علاء على المقعد الأخر حول الطاولة .
قال سعد بابتسامة ودودة
انت روحت فين ياعم وقولت وعدولي
فرك بكفيه على صفحة وجهه قبل ان يجيب صديقه
في ارض الله الواسعة ياسعد ..انا لقيتلي شقة كويسة فى عمارة قديمة عند الميدان انا والست الوالدة.. وكلها كام يوم ان شاء واشتغل في محلي الجديد كمان.
ياماشاء الله ...ربنا يسعدك ياحبيبى ..بس يعني انت كده هاتسيب ابوك لوحده بعد العمر دا كله ما بلاش ياصاحبي تنشيفة الدماغ دي ..دا مهما كان برضوا والدك .
معلش ياسعد انا مصدع اوي وماليش نفس لأي كلام .. استأذن بقى متاخذنيش .
نهض سعد معه قائلا بعتاب
هو انت لحقت تقعد ياعلاء عشان تمشي بالسرعة دي
معلش .. هابقى اشوفك بعدين ونتكلم براحتنا ..ولا تجيني انت احسن على عنواني الجديد.
قال سعد مرحبا
اجيلك انا ياصاحبي ولا يهمك.. بس انت ابعتلي العنوان فى رسالة حتى .
ربت على كتفه بامتنان
طول عمرك ابن أصول وبتصون العشرة ياسعد .. ربنا مايحرمني منك .. خلاص اسيبك انا بقى وعلى تليفونات بعد كده .
طب سلام بقى
قالها علاء قبل ان يذهب سريعا من امام صديقه الذي استدار برأسه لناحية منزل الحاج ادهم المصري فوجدها واقفة في شرفتها تتبع بعيناها علاء حتى خرج من الحارة واختفى .. التفتت بعد ذلك لتقع عيناها بسعد الذي تبسم بمغزي ..فارتدت هي سريعا تعود للداخل !
..............................
حول مائدة الطعام كانت الاسرة جميعها مجتمعة لتناول وجبة العشاء .. الاب على رأس المائدة والأبناء والزوجة على جانبيها ..سميرة كانت تشرح ما حدث في يومها بشكل ممل مع زوجها الذي كان يستمع بإنصات حينما اتت السيرة عن الجيران الجدد
اجابت سميرة على سؤال زوجها
كبير اوي ياحج ..امال انا عرفته كده لوحدي ازاي .. دا نفس الطول والعرض والهيبة كمان ..فرق بس فى لون الشعر الابيض وتجاعيد الوش عند الراجل الكبير ..بس الراجل الكبير ده شكله شديد وقاسې .. مش زي اسم النبي حارسه علاء .. دي كان واقف على دماغ والدته مړعوپ عليها ولا اكنه عيل صغير حتى .
تمتم شاكر
تلاقيه بس ورث القلب الحنين من امه..
هتفت شروق بمرح
هو ورث القلب واخوه التاني خد من والدته الشبه الواضح مابينهم ..البشرة البيضة والعنين الخضرا ..حتى في الطول هو متوسط زي والدته..ولا لكنهم قسموا شبه الولاد مابينهم عشان ماحدش فيهم يزعل .
استجاب الجميع لدعابة شروق بالضحك ..عدا فجر التي كانت تسقط لقيماتها بصعوبة .. امتعاضا من تكرا ذكر اسمه بينهم حتى على مائدة الطعام .. اجفلت على نداء ابيها
ايه يافجر مابتضحكيش ليه معانا ولا بتتكلميمش بعادتك يعني
قالت بفتور
عادي يعني ياوالدي.. اصلي سرحت شوية ومركزتش في اللي بتقولوه.
قال ابيها بابتسامة عريضة
طيب مدام ركزتي دلوقتي معانا بقى اقولك انا على خبر حلو يخصك .
اجفل الجميع على جملة شاكر فتساءلت هي بفضول
خبر ايه ياوالدي
المهندس عادل ابن صاحبي عبد الصمد وكيل مدرسة السلام الثانوية .. شافك قبل كده معايا وانا بوصلك المدرسة .. فطلب من والده انه يفاتحني في موضوع جوازه منك .
قالت سريعا دون تفكير
قوله لأ ياوالدي...انا مش عايزة اتجوز.
مش عايزة تتجوزي ليه ان شاء الله
صاحت بها سميرة غاضبة وتابعت
هو انتي اللي على لسانك لأ وبس .. مش لما تشوفي الراجل الاول وبعدها تحكمي.
هتفت پغضب
شوفته ياماما قبل كده وسلم عليا كمان وانا مع والدي .. هو اي نعم شكله كويس ومش بطال ..بس معجبنيش .
قالت سميرة بتهكم
معحبكيش ليه ياعنيا مدام بنفسك بتقولي عليه مش بطال.. ولا هو بتر وخلاص.. كل مرة يجيلك عريس لازم تطلعي عنينا كده .. ماتدي نفسك فرصة واقعدي معاه .
انا شبعت اكل .
قالتها وهي تنهض وتذهب سريعا من حديث والدتها التي لم تصمت في اثرها وهي تهتف بصوت مسموع رغم تحذير زوجها .
اهي قامت وسابتني اتفلق ياشاكر.. ولا اكن ليها ام وعايزة تفرح زي بقية الامهات ببنتها .. اعمل ايه معاها دي بس ياناس
صفقت باب غرفتها بقوة وهي تزفر براحة بعد ان ابتعدت هاربة من حديث والدتها .. الباكية على زاوجها وتتلهف للفرح بابنتها الكبرى .. خرجت لشرفتها تتلمس الهواء البارد عله يخفف من اختناقها كلما أتت هذه السيرة .. وصل إلى انفها رائحة التبغ المحترق .. فانتقلت عيناها فورا على الشرفة المجاورة لتجده امامها متكئ بأريحية على سور الشرفة.. ينظر لها بابتسامة متسلية فقال
مساء الخير.
....
بداخل سيارة ابيها وهي جالسة في الكرسي الأمامي هتفت من النافذة الامامية وهو واقف امام الجزء الأمامي من السيارة القديمة يفحصها بعد عدة محاولات لتشغيل محركها ولم تفلح
وبعدين بقى يابابا دي ناوية تدور فى يومها ده ولا احنا هانخدها مواصلات النهاردة ولا ايه بس
هز رأسه شاكر بعدم رضا قائلا بيأس
والله يابنتي مش عارف اقولك ايه ..بس شكلنا كده هانخدها مواصلات صح
فتح باب السيارة الخلفي وترجل منه ابراهيم الشقيق الصغير ذو السنوات العشر قائلا باعتراض
يعني ايه يابابا هانخدها مواصلات دا انا كدة اكيد هاتأخر ومش هلحق طابور المدرسة .
ترجلت خلفه فجر قائلة بحنق
ما انت السبب ياابرهيم فى التأخير ده بنومك التقيل يا ابني ده انا بقالي ساعة جاهزة ومستنياك وفي الاخر انا اللي هالبس الجزا لو اتأخرت عن الحصة الأولى .
صباح الخير ياعم شاكر هي العربية عملتها معاكم ولا ايه
الټفت الثلاثة على صوته وهو خارج من البناية .. رد ابيها بالتحية عليه وأكمل بشرح مايراه من عطل اصاب سيارته .. ارغمت فجر نفسها على عدم النظر اليه وهي تراه يقترب منهم متطوعا للكشف عن العطل ثم عرضه النبيل ليقلهم جميعا معه ..التفتت بحدة رأسها رافضة عرضه الكريم
لا طبعا انا مش موافقة اركب معاكم .. انا هاخدها مواصلات يابابا وانت براحتك بقى.. ياللا بينا ياابراهيم .
جذب ابراهيم يده