أنت مكافأتي ډفنا عمر
بابا اخويا مش واثق في أكلي ازاي..
قال معاتبا بطل رخامة علي أختك يا ريان..
جسار طب يلا ياجماعة ابدؤا ونحكم بعدها بس خدوا بالكم أحسن تاكلوا صوابعكم من حلاوة الأكل..
ضحكت شمس لزوجها قائلة يسلملي دعمك ياغالي.
ريان طب نجيب اتنين ليمون وشجرة ونقوم نمشي
عادت والدته تضربه من جديد مع قولها وبعدين معاك وبعدين..
_ لا هتلاقيني أسد في نفسي..
جمانة اتجوز الأول وبعدين نشوف موضوع الأسد ده
_ تفائلي يا ماما تفائلي.
لاك ريان شيء من الطعام وبدا عليه استحسان وهو يقول ايه ده يا مشمش
ردت بقلق ايه الأكل وحش يا ريان طمني.
_ مش عارف اقولك ايه بس ده طلع حلو.
جسار أخيرا اعترفت بشطارة مراتي.
_ أضطريت ياجوز اختي الأكل فعلا يجنن..
ابتسمت شمس بظفر وقالت دي شهادة من المچنون اخويا اعتز بيها.. ضحكوا لقولها واستأنفوا الطعام بمدح الجميع في الوليمة التي صنعتها لهم شمس للمرة الأولى.
___________
غادر عائلة شمس ووقفت هي ترص الصحون النظيفة في خزانة المطبخ بعد رفضها أن تساعدها والدتها سعيدة هي بتلك الحياة البسيطة التي تختبرها للمرة الأولي وهي تتشارك كل شيء مع جسار الذي يتعاون معها الآن بتمشيط السجاد من بقايا الطعام والأتربة بالمكنسة حيث كانوا يجلسون ليفزع بغتة علي صوت ضجيج سقوط بعض الصحون هرول إليها فوجدها ملقاه أرضا بحالة إغماء..حملها وأرقدها فوق فراشها پخوف ثم استنجد بطبيب يعرفه سابقا عن طريق الجد نادر وبعد وقت قصير أتى ليتفقد حالة زوجته ويطمئنه عليها..
جحظت نظراته وتجمدت بذهول..
زوجته حامل بهذه السرعة يتحقق حلمه
لا يدري كيف أنقد الطبيب أجرته و ودعه للباب.
توجه إليها وجدها تميل برأسها على الوسادة مسدلة أهدابها دني ليرقد جوارها ثم مال بوجهه ليدسه بثنايا عنقها وذراعه على خصرها لتشعر بدموعه الدافئة تلمس بشرتها فتضمه بقوة وهي تبكي مثله وتقول حلمك بيتحقق ياحبيبي زي ما اتمنيت هنعمل العيلة اللي هتعوضك واستأنفت بعد تقبيل قمة رأسه بحنان أمومي صارت تعرف متى يحتاجه منها كنت زمان اقول انا هجيب طفلين وبس وياريت ولد وبنت واتريق علي سارة لما تقول هتجيب ولاد كتير.. بس دلوقت غيرت رأيي أنا عايزة اجيب ولاد كتير أوي لحد ما انت تزهق وتقولي كفاية.. هعملك العزوة اللي اتمنيتها ياجسار..فرحان يا حبيبي
____________
الفصل الرابع عشر
عطايا الخالق لا تزال تهطل من سماء رحمته على ذاك اليتيم
تسابقت أقدامه ركضا كطفل صغير أسرع ليخبر والديه بما أنجزه.
للمرة الأولى يعود جسار زائرا لفيلا جده بعد تجرده من كل شيء قبلا راح يطرق بابهم بقوة والسعادة تكاد تفقده السيطرة على عقله ما أن أشرعت البوابة له حتى هرول يبحث عن الجد وهو يصيح بنداء صاخب على غير طبيعته الهادئة الرزينة جدي.. أنت فين ياجدي
كم كانت قاسېة القلب عليه كم عاش محروما لعائلة تبثه دفئا وحبا واهتمام رغم أن الجد لم يقصر معه لكن ظل فراغ أبويه نصلا مزق روحه حتى أصبح جرحه غائر عميق بعمق معاناته سنوات عمره الفائتة..
نهضت إلهام تاركة مقعدها متوجهة إليه حيث يضمه الجد نادر ويهتز جسده بكاء مثله..وبيد مرتعشة مترددة ربتت گ الريشة الناعمة على كتفه..استدار لها لتذهل عيناه حين بصرها.. لوهلة وقف كأنه استعاد وعيه الكامل لتوه ينظر حوله بدهشة كأنه يتسائل كيف أتي إلى هنا
_ مبروك ياجسار.
قالتها بحنان عجيب نفذ لقلبه مستشعرا إياه منها للمرة الأولى .. هل حقا هي سعيدة لأجله تهتم لفرحته فضلا عن أن تشاركه إياها
_ ربنا يقومها بالسلامة وتجيب منها ولاد كتير يعوضوك اللي افتقدته.. ثم استأنفت تحت أنظار الجميع الذاهلة وليس جسار وحده دلوقت بس عرفت قد ايه كنت قاسېة عليك يا ابني.. سامحني إني ماكنتش أم ليك أنا كنت ممكن اعوضك كل ده لو كنت ليك أم حنينة وعاملتك زي أبني..بس انا كنت فعلا قاسېة مقدرتش احب غير رائف مع إن ماكنتش هخسر حاجة لو قسمت حناني ورعايتي وحبي بينكم وجبرت خاطر يتيم واتقيت الله فيه سامحني ياجسار أرجوك.
يقف أمامها وغشاوة الدموع تغتال عيناه بقوة
ورغم هذا يراها جيدا.. ربما هي مرته الأولي التي يراها بهذا الشكل الأدمي معه..كأن انسلخ عنها كيان أخر وروح أخرى قطرة الحنان الشحيحة التي هطلت عليه من حديثها هذا روته حد الثمالة.. كان قطرة واحدة منها تساوي نهرا جاريا قطرة واحدة محت الكثير كل معاناته.. كيف أذا لو فاضت عليه بينابيع من هذا الحنان كيف كان سيشعر لو حقا أحبته كأبنها يوم..
ربتة أخرى جاءته من توفيق وهو يقف جواره وعينه تفصح عن ندم يطابق ما ابدته زوجته وهو يقول
إلهام عندها حق يا جسار وياريت نبدأ صفحة جديدة كلنا عشان ابنك بتولد وسط عيلة بجد..
ثم منحه أجمل وعدا تلقاه منهما وهو يهمس بصدق
ابنك ياجسار هيكون أول أحفادي أنا وإلهام..
اللي حرمناك منه هنديه بطيب خاطر لابنك..عيلتك مش هيكون ناقصها حد بعد انهاردة.. انت هنكمل بينا زي ما طول عمرك كنت مكمل اللي قصرت فيه مع بابا موافق من انهاردة نكون عيلتك بجد
ثم بسط له ذراعيه لأخر مدي وهو يقول
لو موافق تعالى في حضڼي.. قولي يا بابا زي زمان.
نقل جسار بصره بين ذراعي توفيق وإلهام ثم جده وشقيقه ليعود وينظر للأول ثانيا..ودون تردد ارتمى بين ذراعيه وعانقه بقوة ليبادله توفيق عناق شديد حاصر أضلعه وراح يقبل رأسه وهو يقول مبروك ياحبيبي مبروك..
ترك أبيه ثم نظر لإلهام وهي تبكي ليجثوا بغتة علي قدميه ثم التقط كفها ولثمه بتقدير لتنهمر دموعها أكثر وهي تربت
على رأسه بحنان مغمغمة مبروك ياحبيبي.. هنتظر من دلوقت حفيدي بفارغ الصبر.
بظهر كفه المجعد كفكف الجد نادر دموعه الآن فقط ارتاح قلبه تجاه حفيده الغالي.. لو انقضى اليوم أجله لما حمل هما له هو مطمئن ان صغيره يحيا وسط عائلة حقيقية تحبه دون زيف..
ضربه أبيه بخفة وليه مش علي أسمي.
_ لا يا بابا مع احترامي ليك اسمك قديم بصراحة.
إلهام متدخلة بمزاحهم وهي تجفف دموعها سيبوه يختار هو ومراته بلاش غلاستكم عليه.. حفيدي هيكون اسمه مميز..وكل عصر وله أسامي تناسبه.
دعمها الجد صح يا مرات ابني.. هنختارله اسم جديد ومعناه حلو.. بس اما نعرف الأول نوع الجنين.
ثم نظر لجسار طبعا بكره أهل مراتك هايجوا يباركوا لبنتهم خلينا احنا اليوم اللي بعده كلنا هنيجي نزورك في بيتك ونبارك لشمس..
غمغم براحة طاغية تنوروا بيتي ياجدي.. هستناكم من دلوقت.
وواصل معلش هستأذن عشان اروح البيت اطمن عليها..
توفيق مع السلامة ياجسار و وصل تهانينا مؤقتا لمراتك..
_ حاضر عقولها.
___________
عرفت أن اول حد هتجري تفرحه بالخبر جدو نادر
هكذا همسات بأذنه وهو يرقد جوارها محصنا خصرها بتشبث كأنه يعانق طفله ليرد همستها بأخرى
حسيت إن ماليش غيره ممكن بفرحلي بجد بس كنت غلطان
أول مرة أحس أن في ايد تانية حنينة ممكن تطبطب عليه وان في قلوب ممكن تشاركني فرحتي أنا عشت سنين عطشان لنقطة حنان حقيقية انهاردة بس حسيت بيها يا شمس الست اللي عمري ما حسيتها أم ليا انهاردة كانت أمي اعتبرت ابني أول أحفادها تخيلي
ابتسمت بحنان سعيدة لأجله هاتفة الحمد لله يا حبيبي كرم ربنا مالوش حدود لما بيدي بيدي كتير..وانت من انهاردة مش مطلوب منك غير انك تفرح وتصدق انك مش لوحدك أهلي هما أهلك وعيلة جدك كمان بقوا عزوتك و ولادنا هيكونوا وصلة الترابط بنا وبينهم.
تنهد براحة وذراعيه تشتد حولها دون أن ټتأذي منغمسا بها خاشيا أن يكون كل ما يحدث معه مجرد حلم وينتهي.
___________
بصوتها الصادح أغرقت جمانة محيطهم مبهجة زغاريد من فرط فرحتها بحمل ابنتها لتشاركها صابرين والدة سارة الفرحة وهما يمكثان في بيت شمس بعد أن علموا الخبر من جسار و الذي عبر عن امتنانه لله في اليوم التالي حين وزع هدايا رمزية علي موظفي الشركة ليشاركوه فرحته الكبرى..أما رضوان وأمين فترجما فرحتهما بمكافئة مالية عشرة أيام لجميع العاملين بالشركة.. حتى شقيقاها حمزة وريان لم يقصرا بإبراز فرحتهما بحمل شقيقتهما الوحيدة..
أما سارة راحت تقفز من الفرحة كعادتها أمام شمس التي قهقهت قائلة اهدي يا مچنونة..
_ انتي لسه شوفتي جنان.. ده لما يجي البيبي هبدع أنا وهو.. أنا فرحانة اوي ياشمس عشانك انتي وجسار كأن اللي جاي ده ابني انا كمان..
ربتت علي كفها بتقدير طبعا يا سارة.. أنا وانتي اخوات وولادنا واحد.
ثم قالت بسعادة جمة أنا أكتر حاجة مفرحاني هي فرحة جسار.. كأنه طفل وأخيرا جاله هدية غالية.. مش قادرة اقولك بيعمل ايه من وقت ما عرف بحملي.. نفسي املي عليه البيت عيال عشان أعوضوا اللي عاشوا يا ساره.
_ تعوضيه ايه
تساءلت سارة بعد استشعارها مبالغة ما بحديث شمس لتبرر الأخرى سريعا قصدي يعني انه مش كان له اخوات كتير وعيلته مش كبيرة..
أومأت بتفهم أه فهمتك.. عموما ربنا يسعدكم ويقومك بالسلامة يامشمش..
_ يارب حبيبتي.
_ انما شوفتي المهرجان اللي عاملاه