الأربعاء 18 ديسمبر 2024

الأنشودة التاسعة و الثلاثون حصري

انت في الصفحة 1 من 7 صفحات

موقع أيام نيوز

حصري لموقع أيام 
بسم الله الرحمن الرحيم
الفصل التاسع والثلاثون ما قبل الأخير 
الكارثي في الأمر أنه لم يكن مجرد غياب! 
بل كان ك نزع الروح من الجسد الذي كممت أصوات استغاثاته فلا يملك رفاهية الصړاخ و الأقسى من ذلك أن تلزمه الحياة بأن يحيا! 
ك أن تلقي بأحدهم بين أمواج بحر هائج و تأمره بأن يبقى على قيد الحياة في حين أنه لا يجيد السباحة! بربك أليس الأمر مجحفا 

كان هذا حال قلبي الذي لم يكن يجيد الحياة من دونك فلم يكتفي بترديد ذلك الاستفهام المؤلم على مسامعي منذ أن غادرتني إلى الآن و ك ما هي عادتي لازالت أتوارى خلف جدار من الكبرياء الواهي أحاول إقناعه بأن الأمر ليس خطيئتي إلى أن ذقت لوعة ما اقترفته يداي حين اصطدمت بصخرة فراقك الذي كان أبديا هذه المرة .
نورهان العشري 
تمر الأيام مثقله بحنين وأوجاع تمنى أصحابها التخلص منها سالكين جميع الطرق والدروب في رحلة طويلة تبدأ بالتناسي و تنتهي بالنسيان الذي هو عبارة عن رحمة من الله تتنزل فوق القلوب التي أضنتها فۏاجعها و أهلكتها مصائب الزمن ل تبدأ الچروح في الالتئام رويدا رويدا ثم يبدأ ذلك الضباب في التلاشي فتصفو سماء الحياة من جديد
مرت ثلاثون ليلة على تلك الليلة التي سطرت نهاية عهد قديم في رحلتهم و خطت بداية جديدة للجميع دون إستثناء
_ بتقول ايه يا سالم مع . معقول حازم جاي هنا 
هكذا هتفت أمينة بقلب تنتفض دقاته حد الألم و شفاه ترتجف حروفها حد التلعثم و أعين تهتز جفونها من فرط البكاء ليقترب سالم يحتضن والدته بحنو تجلى في نبرته الخشنة حين قال
_ سالم عمره كڈب عليك يا أم سالم 
انتفض جسدها من فرط التأثر و البكاء الذي جعل كلماتها تخرج متقطعة حين قالت
_ أبدا . بس . بس . قلبي مش مصدق من فرحته. كان نفسي اشوفه قبل ما أموت . انا اللي ظلمته يا سالم . انا السبب في كل اللي حصله و حصلكوا.
هدهدها كطفل صغير يحاول احتضان ألمها و تهدئة آهاتها المذبوحة ندما وذنبا ليقوم باحتواء وجهها الذي تشكلت به بعض التجاعيد التي لونها الألم لذا أجابها بصرامة لم تخلو من الحنان 
_ متقوليش كدا تاني . محدش بيعلم الغيب و كل اللي حصل دا مقدر و مكتوب للكل . بطلي تلومي نفسك . انا مقدرش اشوفك في الحالة دي .
أوشكت على الحديث فعاتبها قائلا
_ عايزة تزعليني يعني ! طب و غلاوتي عندك تبطلي تلومي نفسك . لما تتعبي دلوقتي نعمل ايه احنا دا احنا عايشين في الدنيا دي بحسك يا أم سالم .
امتدت كفوفها تحتضن وجهه وهي تقول بفخر يمتزج بحب كبير تجلى في نبرتها حين قالت
_ والله يا سالم انت اغلى حاجه عندي . حنيتك دي لو اتوزعت على الدنيا دي كلها تكفي وتفيض . ربنا ما يحرمني منك و يراضيك ويرضى عنك يا ابني .
لثم كفوفها بحنو قبل أن يقوم باحتضانها وداخله يتمنى من الله أن يمر كل شيء على ما يرام .
كان ل قدومه وقع خاص على الجميع و شعور متباين بينهم وحدها كانت خائڤة بل مړتعبة فالجميع كلا يملك درعه الخاص الذي يمكنه في الصمود أمام هجمات الحياة و تقلباتها حتى جنة الوحيدة التي تذوقت ويلتها و عاشت نفس تجربتها المريرة تملك رجلا يمكنه هدم العالم بأكمله لأجلها أما هي لم تكن تملك شيئا و عائلتها ألقت بها أمام عتبة غرباء دون النظر إلى مصيرها أو الشفقة على حالتها و إن كان الحظ في صفها و وضعها بين أناس تعج قلوبهم بالرحمة ليصبحوا بمثابة عائلة ثانية لها ولكن هل سيبقون هكذا بعد عودة هذا الشيطان  
ينخلع قلبها من شدة الفزع حين تتخيل أن تراه أمامها مرة أخرى . تتمنى المۏت في هذه اللحظة خشية أن تتجدد آلامها من جديد بلقائه . 
ذلك الهاجس يثير زوبعة من المشاعر داخل قلبها و يولد بداخلها رغبة ملحة بالهرب و لكن أين يهرب الإنسان و هو منبوذ من أقرب الأماكن إلى قلبه  
لا أهل و لا عائلة ولا هوية . فقدت كل شيء دفعة واحدة و الآن عليها المواجهة ! كمحارب يقف بمنتصف المعركة أعزل في مواجهة اقوى خصومه و أشرسها . 
أي ظلم هذا الذي تقترفه هذه الحياة في حق تلك البريئة  
و هل من سبيل للنجاة من بطشها و الظفر بروحها المهلهلة لتستطع لملمة خيوطها و الظفر بحياة تشبة الحياة !
_ كنت بتحبيه 
شهقة خافته شقت جوفها حين استمعت لذلك الإستفهام المريع الذي انتشلها من بحر حزنها الأعظم لتنتفض في جلستها و تهب واقفة لتجد نفسها في مواجهة ذلك الكاسر الذي يشبه النمر بعينيه التي تحيطها بنظرات تبث الذعر بقلبها إضافة إلى ضخامته و ملامحه الوسيمة التي ټشوهها تلك التجعيدة المرتسمة في جبهته 
_ ردي عليه . أظن سؤالي مش صعب للدرجة دي !
ضاق ذرعا من سكوتها فذلك الاستفهام يؤرق لياليه منذ من بدأت صورتها باحتلال قلبه كامحتل غاشم استوطن أرضا و لن يتركها سوى بإراقة الډماء
القلق من أجابتها ينخر في قلبه بلا رحمة و صمتها لا يساعده أطلاقا لذا احتدت ملامحه أكثر ل تفقد قدرتها على النطق وتلجأ للهرب ولكن ما أن التفتت حتى اوقفتها يديه على معصمها ك المقصلة ل يقوم بإدارتها إليه قائلا پغضب 
_ بتهربي ليه السؤال صعب ولا مش عارفه تنطقيها 
صمت لثوان قبل أن يضيف بلهجة تئن ألما
_ مش طالب منك غير إجابه ب أه او لا .
كان الكلام يتدفق منه وكأنه يحاول إقناعها بالحديث حتى ولو كان مرا فالصمت حنظلا 
_ س. سيبني. 
هذا كل ما استطاعت أن تتفوه به ليتنبه ليديه التي تقبض على معصمها الرقيق بقوة حتى كاد أن يتحطم من وطأة قسوته فتركها بلهفة و عينيه تطلقان مئات الأعذار دون أن يتلفظ بحرفا واحدا منهم 
_ مقصدش أخوفك أو أاذيك . عايز بس إجابة لسؤالي !
حاولت تجاهل دقاتها الهادرة فقد كانت عينيه تربكانها كثيرا كما كان تلك العينين تفعل بهم نعم كانت تعشق ذلك الحازم بينها و بين نفسها فقد كان بطل أحلامها التي أوقد بها نيران الغدر ل تحترق و ينطفيء عالمها الوردي إلى الأبد 
_ سؤال ميخصكش و الإجابة مش هتفيدك بحاجة يبقى مالوش لازمه تعرفها .
هتف بجفاء
_ انا ادرى باللي يخصني .
ايوا حبيته .
اخترقت كلماتها صدره ك رصا طائشة أصابت أكثر وترا حساسا بداخله لتخرج كلماته جافة بنبرة متحشرجة 
_ ناوية تكملي معاه 
_ لا طبعا.
هكذا صړخت بقوة و كأن استفهامه تهمة مشينة أرادت محوها تماما ف باغتتها كلماته حين قال
_ يبقى تطلبي من سالم يطلقك منه .
هتفت پصدمة 
_ ايه 
أجابها بحدة
_ اټصدمتي ليه قوليله طلقني منه . مش عايزة أشيل اسمه وفرصة أنه جاي النهاردة . يعني سهل كل حاجه تخلص .
ابتسامة ساخرة لونت ملامحها فياليت الأمر

انت في الصفحة 1 من 7 صفحات