الأربعاء 27 نوفمبر 2024

عيون الذئاب ډفنا عمر

انت في الصفحة 27 من 31 صفحات

موقع أيام نيوز

بالراحة يا سارة ازاي تجري كده انتي ناسية انك حامل في الشهر الخامس
تذمرت بضيق أعمل ايه يا أدم ابنك شقي اوي إن ماكنتش اجري وراه عشان ياكل مش بياكل خالص 
غمغم بربتة حانية طب هاتي وانا هخليه ياكل وانتي ارتاحي ثم صاح علي طفله ديمو تعالى لبابا حبيبك ولا مش عايز تروح لجدو وتيتة بكره 
هرول عليه الصغير وراح يلتهم الطعام بعد أن حصد وعدا من أبيه بزيارة والدي أدم في اليوم التالي 
ابتسمت وهي تطالعه مستكين علي قدم أبيه هاتفة شوفت الندالة بيسمع كلامك وأنا لأ كاني شفافة 
شاكسها ده من الهيبة حبيبتي 
رفعت حاجبيها بعدوانية قصدك ايه شايفني تافهة
قهقة ولكز وجنتها ماتزعليش انتي عسل 
هزت رأسها وهي تبتسم له وسريعا ما غامت عيناها بشرود ليلاحظها متسائل سرحتي في ايه 
في أخويا جسار وشمس صعبانين عليا اوي يا أدم تلات مرات تحمل من أول جوازها وينزل الجنين مشوه أخرهم من سنة أنل قلبي بيتقطع عشانهم 
تنهد مشاركا إياها مشاعر الحزنوالله انا كمان بزعل عشانهم بس هنقول ايه ده نصيب ومكتوب يا سارة ولازم يرضوا بقضاءه 
ونعم بالله ربنا يقر عينهم ولو بطفل واحد سليم 
والله ما بعيد علي ربنا انتي ادعيلهم 
مش ببطل دعاء يا أدم ربنا عالم 
ربت على كتفها وتمتم يبقي تفائلي خير ياحبيبتي 
ثم لثم خد ابنه بحنان مع قوله شايفة ديمو شطور ازاي خلص طبقه كله وجدو أمين هيتبسط منه خالص 
ابتسمت وجذبته إليها لتعانقه مين حبيب ماما 
الصغير وهو يشير لنفسه أنا 
طب ليه بتتعبني أنا والنونو 
نقل بصره بين أمه وبطنها وقال نونو هنا 
أيوة بس لسه هيكبر 
شرد الصغير يفكر بعمق ليغمغم أدم الذي يراقبه باستمتاع أكيد بيتخيل البيبي في بطنك دلوقت فكرني بمشهد فيلم الحفيد عارفاه
ضحكت قائلة طبعا فيلم الحفيد كله علامة ماتتنسيش في طفولتنا كلنا 
نهض من جوارها متأهبا لرحيله طب أنا نازل المكتب يا سيرو عايزة حاجة 
لا ياحبيبي سلامتك ماتتأخرش بالليل 
حاضر يا قلبي سلام 
في إحدي دور الأيتام!
بابا جسار جه بابا جسار جه 
هكذا تقافزوا الصغار وهم يهرولون نحوه وقد أتاهم محملا بالهدايا گعادته متلقفهم بذراعيه ليصيح أولهم ابن الستة أعوام فين ماما شمس مش جت معاك ليه
معلش ياحبيبي ماما شمس تعبانة شوية وكان صعب تيجي معايا 
فصاح طفل أخر ذو تسعة أعوام يتباهي أمامه بما أنجزه أنا حفظت جزء عم يا بابا جسار 
هتف بنبرة حانية ونظرة فخر منحها لصغيره ماشاء الله ياشيخ هادي خلاص تاخدوا الهدايا الأول وبعدين تسمعني القرآن بصوتك الجميل 
بدأ جسار يوزع عليهم هداياه ثم لاحظ غياب إحدى أطفاله فقال أمال فين اختكم دارين 
نكسوا رؤسهم بحزن فانقبض قلبه قائلا ايه يا ولاد مالكم هي دارين تعبانة 
قال أحدهم وأكبرهم عمرا لا يا بابا بس في ناس جم
أخدوها من تيتة صفاء وقالوا هتعيش معاهم على طول وتبقي بنتهم 
تجهم وجه جسار بحزن وهو يفقد أحد أبناؤه كما يعتبرهم وسريعا ما غادرهم متوجها لغرفة مديرة الدار
السيدة صفاء 
السلام عليكم 
رفعت وجهها عن إحدى الملفات المشرعة أمامها مجيبة تحيته بود وابتسامة بشوش و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا سيد جسار اتفضل 
غمغم وهو يأخذ مكانه قبالتها صحيح يا مدام صفاء في أسرة أخدت دارين تعيش معاهم 
ابتسمت وأدركت سبب تجهمه أيوة أسرة محترمة وربنا مش كرمهم بولاد كفلوا دارين و أخدوها تعيش معاهم 
طب و حضرتك ضامناهم يعني افرضي عاملوها وحش وأذوها نفسيا زي ما ساعات بنسمع 
أخبرته بهدوء و ليه يعملوا كده و هما محرومين من الضنا أكيد هيعوضوا بيها النقص اللي في حياتهم ويتقوا الله فيها 
ابتسم بمرارة و هو يتذكر معاناته الشخصية و قال مش يمكن الأم ربنا يكرمها وتحمل في طفل و بعدها تعامل المسكينة وحش و تحسسها بالغربة!
عدلت نظارتها الطبية غليظة الإطار فوق أنفها قائلةحسب علمي ان مستحيل يخلفوا لأن في موانع صعبة عند الزوجين يعني اطمن يا سيد جسار و بعدين انا بتابع حياة الأطفال حتى بعد خروجهم من الدار وبكتب شرط اساسي في التعاقد بنا ان لو ثبت اي ضرر للطفل أو الطفلة من حق الدار تستعيده لكنفها تاني و هما وافقوا و مضوا على الشرط 
رمقها بشرود ومقطفات مما عاشه تغزوا خياله لتستطرد بقولها انا كمان بحب كل أطفال الدار ومتعلقة بيهم جدا ولو مالقيتش ان العيلة اللي بتيجي تكفلهم كفء و يستحقوا مش بوافق اطمن يا سيد جسار 
هز رأسه بتسليم وقال طيب ممكن اعرف عنوانها فين عشان أسأل عليها 
أومأت له بترحيب أكيد طبعا ثم رمقته بتقدير وقالت بصراحة ربنا يجازيك خير انت ومدام شمس على اللي بتبذلوا عشان الولاد سواء ماديا أو معنويا 
تمام بنظرة غائمة صدقيني اللي بناخده من الأولاد دي أكتر بكتير من اللي بنمنحه ليهم يا مدام صفاء 
و واصل قبل مغادرته عموما حضرتك كمان بتقدمي ليهم كتير ربنا يقدرنا كلنا نرعاهم و نوصلهم لبر الأمان 
اللهم امين 
غادر الدار و الضيق يعتصر قلبه و يدميه و صغيرته دارين ربما تعيش نفس ما عاشه هو من قبل وهو يتسول الحنان مما ظنهما أبويه ليتها ضلت مع من تتشابه ملامح أقدارهم بذات التفاصيل و المعالم أيتام مثلها لو بيديه لما سمح لأحد صغار بمغادرة الدار هناك يرعاهم كما يجب ماذا عساه بفاعل حين ينفرط عقد ترابطهم و يذهب كلا منهم لمصيره وحياته!
تنهيدة حاړقة زفرها جسار وهو يقود سيارته نحو عنوان الصغيرة ليقرر شيئا بضميره جعله يقف ويصف السيارة ويبتاع شيء ما ثم يعود مستأنفا القيادة لوجهته
مين يا رحيمة
أجابت الأخيرة على سيدة المنزل بقولها
ده واحد بيقول جاي من طرف الدار يا ست ياسمين هانم 
اقبلت السيدة رامقة جسار بفضول قائلة تحت أمرك أي خدمة 
جسار بتهذيب أنا أسف للإزعاج بس انا جاي اشوف دارين 
رمقته بريبة ما تعلمه أن الصغيرة ليس لها أقارب فترجمت ريبتها بسؤال ايوة وحضرتك مين
بابا جسار 
ركضت الطفلة من خلفها عابرة الباب بينهما لترتمي بين ذراعيه هاتفة بحماس وترحيب صادق وحشتني اوي يا بابا جسار انا دعيت ربنا بالليل أشوفك عشان كده انت جيت هصلي واشكر ربنا كتير أوي 
تلقفها
معانقا إياها برفق وهو جاثي أرضا ثم نظر للسيدة متمتما أنا أسف لحضرتك بس اسمحيلي اكلم دارين شوية هنا في الجنينة قدامك واطمني أنا مش غريب عنها زي ما سمعتي أنا في مقام والدها 
حدجته السيدة ياسمين مليا وقيمته بنظرة ثاقبة غير غافلة عن عناق الطفلة له بقوة وفرحة واضحة فاطمئنت له ومنحته
سماحها طيب حضرتك تقدر تتفضل هنا وتتكلم معاها براحتك ثم نظرت للخادمة قدمي ضيافة مناسبة للبيه يا رحيمة 
هذب شعرها برفق وهو يقول عاملة ايه ياحبيبتي مبسوطة هنا الناس اللي هنا بيعاملوكي كويس في حد زعلك منهم 
نفت الصغيرة لا محدش زعلني خالص يا بابا ماما ياسمين و بابا حسن بيحبوني و بيعاملوني كويس مفيش حاجة مضايقاني غير اني مش بشوف اخواتي في الدار وحضرتك انت و ماما شمس و تيتة صفاء 
ملس جسار على رأسها بحنان و قال متزعليش يا حبيبتي أنا وماما شمس هنزورك هنا دايما أما اخواتك في الدار أكيد في طريقة تشوفيهم بس لازم تستأذني بابا و ماما الجداد ثم التقط الحقيبة من جواره و قال انا جبتلك حاجات حلوة زي اخواتك ثم احضر من جيبه هاتف صغير و قال و هو يرصد المحيط حوله خدي يا دارين ده تليفون عليه رقمي ورقم تيتة صفاء أي حاجة وحشة تحصل معاكي و تضايقك لازم تعرفينا و احنا هنساعدك فاهمة حبيبتي 
أومأت الصغيرة أيوة يا بابا فاهمة طيب حضرتك هتيجي تاني تشوفني
هاجي إن شاء الله 
قال أنا همشي دلوقت وقريب جدا هاجي أزورك مع ماما
شمس
اتفقنا
أتفقنا يا بابا جسار 
مين هيدي حضڼ لخالو
هرول عليه الصغير نديم ابن شقيقته ملبيا نداءه فالتقطه جسار بلهفة حانية وهو يقول روح خالوا اللي كبر وبقي راجل كبير 
ثم راح يدغدغه ليقهقه نديم وسارة تأتي من خلفه متدللة عليه يا سلام هو نديم بس اللي وحشك يعني 
ابتسم ولمعت عينه بحنان وبسط لها ذراعه الأخر زاي بقا ده انتي وحشتيني جدا جدا عاملة ايه يا قلب اخوكي وأخبار البيبي ايه 
الحمد لله ياحبيبي فينك وحشتني اسبوع بحالو غايب عننا 
معلش مشاغل والله وجوزك عارف حتى اسأليه
والله قولتلها يا متر 
قالها أدم مستأنفا بترحيب نورت الدنيا يا جسار 
ده نورك انتي و سارة وديمو 
فين شمس
عند خالتي جمانة أصلها تعبانة شوية 
ألف سلامة عليها كويس انك عرفتني عشان ازورها 
واستطردت أنا هروح اعملك أحلي غدي بأيديا إياك تقول امشي أحسن ازعل منك 
تبسم لها بمحبة لا اطمني يا قلبي انا اصلا مفرغ اليوم كله ليكم عشان كمان اشبع من حبيبي الصغير 
يا سلام عليك أيوة كده خلاص هروح ابدع واعملك الأكل اللي بتحبه عشان عيونك 
عيني عليا اللي اتهريت بانية ومكرونة 
قالها أدم ليشاغبها قبل أن تذهب فلكزته بكتفه طب استر على سيرو حبيبتك 
ياروحي ده لو عملتي عيش وجبنة راضي وعاجبني
ضحك جسار شاطر ياجوز اختي لحقت نفسك 
منا لازم امشي الدنيا انت في الأخر ساعتين وماشي وانا اللي ممكن أنام في الصالة يا ابو نسب 
شهقت سارة باستنكار وتعليق مضحك بقي كده طيب جهز نفسك هتبات في الصالة الليلة 
قهقه هو وجسار ورحلت عنهم وهي تحدج زوجها متوعدة له وراحت تعد وليمتها بينما ظلوا هما يلاطفان الصغير ريثما تعود 
عاملة ايه دلوقت يا ماما
بخير ياشمس اطمني وارجعي بيتك بقي بقالك يومين سايباه وقاعدة معايا 
لازم اطمن عليكي الأول 
ربتت علي كتفها أنا بقيت بخير باحبيبتي الليلة تتصلي بجوزك يجي ياخدك ماشي 
أومأت لها حاضر يا ماما هو قالي هيقضي يومه كله عند سارة عشان نديم وحشه اوي هقوله يعدي عليا بالليل 
كسي وجه جمانة الحزن فلمحته شمس و قالت ماما أحنا بخير اطمني الحمد لله رضينا بقدرنا سوا ومرتاحين مټخافيش و متزعليش
رمقتها بتردد ثم حسمت أمرها رغم انها صعبة
عليا وقلبي بيتقطع عليكم انتم الاتنين بس لازم اقولهالك تاني سيبيه يابنتي مادام مفيش امل وكل واحد فيكم يشوف حاله مع حد تاني هو يخلف من غيرك وانتي تخلفي من غيره 
تدفقت الدموع بعين شمس قولتهاله يا امي كتير ورفض الفكرة واتمسك بيا وقال انه راضي وادني حملت تلات مرات وبيطلعوا مشوهين خلاص يا ماما مابقيتش قادرة اتحمل مۏت ولادي اللي مش بلحق اتهني بيهم وجسار كمان نبه عليا مش أفكر أحمل تاني لانه تعب من الصدمات و مشاوير الدكاترة 
نظرت جمانة لابنتها پألم وقلب منفطر و لا حيلة لها بشئ ثم أخذتها في عناق احتوتها به مغمغمة ربنا قادر يا بنتي يعوضكم ويرزقكم من عنده 
تنهدت شمس وهي تسلم أمرها لله قائلةونعم بالله يا ماما 
يتبع
الفصل التاسع عشر
من رحم الحياة دائما ما
26  27  28 

انت في الصفحة 27 من 31 صفحات