الأربعاء 27 نوفمبر 2024

للعشق وجوه كثيرة نورهان العشري قيثارة الكلمات ج١

انت في الصفحة 54 من 86 صفحات

موقع أيام نيوز

لنافذه غرفته ناظرا للفراغ لا يدري بماذا يجيب والدته لتفاجأة هي و تقطع عليه شوط طويل من المقدمات 
حصل إيه عند جدك خلاك كدا يا على 
الټفت لها علي متفاجئا من ذكائها لتبتسم بهدوء و تقترب منه قائله 
إيه يا علي فكرت انك كبرت عليا و هتعرف تخبي عني
لعلمك بقى انا بفهمك من عنيك و هفضل كده على طول فمتحاولش مرة تانية تخبي عليا عشان هاخد منك موقف يزعلك 
ابتسم علي و امسك بكفيها مقبلا إياهم وهو يقول بحب و نبرة يشوبها الأسف 
حقك عليا يا ست الكل انا مكنتش عايز اضايقك أو أشغلك معايا 
نظرت إليه فاطمه بنصف عين و هي تقول بتهكم 
و دا من
امتى ان شاء الله عموما احنا لينا قاعدة طويله عشان عنيك فيها كلام كتير يا سيادة الرائد 
تحدث علي بمرح 
دا إستجواب بقى 
أضافت فاطمه بنبرة آمرة مصطنعة
بالظبط كدا اتفضل اقعد و قولي حصل ايه 
انهت جملتها ثم امسكت بكفه و اجلسته بجانبها و اعطته إيماءة من رأسها بمعنى ان يبدأ بالحديث ليبتسم على طريقتها التي تجعلها و كأنها طفلته و ليست والدته ليبدأ حديثه من عمق المعاناة التي يشعر بها 
عمرو كلمني عشان اروح اشوف جدي لان حالته الصحية متدهورة بصراحه مكنتش ناوي اروح بس في آخر لحظه غيرت رأيي لما افتكرت بابا الله يرحمه و قولت
مينفعش يكون تعبان و مروحلوش 
صمت لثوان و صوره جده بذلك الضعف تشعره پألم لا يدري ما سببه ليتتابع بصوت حاول ان يكون ثابتا 
دخلت لقيته نايم عالسرير و متعلقله خراطيم و محاليل بصراحه اټصدمت لما شفته متخيلتش ان كل القوة و الجبروت دي في لحظة تتحول لمنتهى الضعف اللي انا شفته فيه وقتها كان نفسي أسأله سؤال واحد كل جبروتك و قسوتك نفعوك دلوقتي بس فاجئني بكلامه 
عودة لوقت سابق 
انا عارف يا علي ايه اللي بيدور في دماغك دلوقتي زمانك بتقول الراجل الضعيف دا هو اللي كان من كام سنه بس بيحاربنا و عايز ياخدنا من امنا 
كان هذا صوت هاشم الرفاعي الجد الأكبر لعلي و قد اهتزت نبرة صوته من كثرة التعب فقد تمكن منه المړض ليشعر بأن أيامه علي وشك الإنتهاء فحاول ان يصلح بعضا من أخطائه ليقول پألم 
انا عارف كل اللى بيدور في دماغك يا ابني و أنا استاهله و استاهل انك تشمت فيا 
قاطعه علي و قد غص حلقه من كلمات جده و لكنه حاول الظهور بمظهر اللامبالاه 
استغفر الله لو سمحت متقولش كدا مفيش شماته في المړض 
ابتسم هاشم ابتسامه بطيئه فأي غرور قد اعماه ليبقي بعيدا عن أحفاده فقد شعر بأنه أضاع الكثير من الأشياء القيمه في هذه الحياة ليمد كفه المرتعش لعلي و عيناه يملؤها التوسل بألا يرد يده خالية ليتبادلا النظرات لمدة ليست قصيرة حتى شعر هاشم بالحزن فهاهو حفيده يرفض حتى الإقتراب منه و حين أوشك علي إعاده يده التقطها علي محاولا ألا يظهر أي ردة فعل و أخذ يقنع نفسه بأنه يفعل هذا لذكري والده و أيضا فإن أخلاقه تمنعه من أن يرد يد عجوز قد امتدت إليه ليضغط هاشم بكل ما يمتلك من قوة علي يد علي و قد فرت دمعه هاربه من عينيه تحكي مدى ندمه وأسفه وهو يقول 
انا عارف إني مستهلش يا علي 
صدقني يا ابني عارف بس انا طمعان في شهامتك و مروءتك و عايزك متحرمنيش من اني اموت وسط احفادي اللي اتحرمت منهم عمري كله بسبب جبروتي و غبائي 
قطب علي جبينه فهل سيتجرأ و يطلب منه أن يبعدهم عن والدتهم مرة ثانية ليقول باستفهام غاضب 
تقصد ايه 
أقصد إن آن الأوان نتجمع مع بعض و نلم شملنا يا علي و تيجوا تعيشوا معايا في القصر و تاخدوا حق ابوكوا 
ثار علي و هب من مكانه منفعلا و قد تذكر معاناة والديه بسبب ذلك الرجل 
أبويا اللي انت حرمته من كل حاجه و فضلت تحارب فيه طول عمره و حتى بعد ما ماټ مفوقتش بردو و استمرت أنانيتك و جبروتك و حاولت تحرم عياله من أمهم تصدق أنا غلطان إني 
قاطع حديثه سعال قوي خرج من جوف هاشم ليتقدم اليه بلهفه ليمسك هاشم بكفه و هو يبتسم بود فقد لمسه قلبه تلك اللهفة التي وجدها في عينيه ليقول بحب 
تعرف يا علي ان عينيك نفس عنين ابوك الله يرحمه انت واخد نفس صفاته كان يتخانق معايا و يقسى عليا و لو حس اني تعبان و لا فيا اي حاجه كنا بييجي جري عليا و كنت بشوف في عنيه نفس اللهفه اللي شوفتها في عينيك دلوقتي
حاول علي أن يترك يداه فقد أصابته كلماته في الصميم ليتمسك هاشم بيده أكثر و هو يقول في ضعف 
المرادي انا عايزكوا كلكوا يا علي و تقدر تجيب الست والدتك معاكوا 
تفاجأ على من حديثه و لكنه سرعان ما أجاب بسخريه 
و إيه سبب الټضحية العظيمة دي 
ليجيبه هاشم بفظاظة و قد أبي الإعتراف بأخطائه حتى و إن نوى إصلاحها 
عشان احفادي مقدرش ابعد عنهم و اموت و هما مش حوليا مضطر اتحمل و اضحي باي حاجة في سبيل انهم يكونوا جمبي اللي باقي لي من عمري 
شعر علي بالسخرية من نفسه
لظنه بأن هذا العجوز
يمكن ان يلين و يعترف بأخطائه ليتجاهل براكين الڠضب التي عصفت بداخله و تحدث بنبره قويه و ثابته 
انا مقدر تضحياتك دي بس طلبك مرفوض يا هاشم بيه انا و امي و اخواتي هنعيش في بيتنا بيت ابويا اللي اتربينا فيه و مش هنقدر نسيبه ابدا و لا
نعيش في مكان تاني 
ثم اقترب قليلا منه مضيفا بلهجة حادة
البيت اللي امي متتشالش فيه عالراس ميلزمناش و حق ابويا اللي انت بتقول عليه خليهولك يمكن ينفعك احنا مش محتاجينه 
القي علي كلماته التي استقرت في قلب ذلك العجوز و قد أدرك انه أخطأ هذه المرة أيضا ليردف بعدما رأى علي على وشك المغادره 
هستناك تفكر و ترد عليا يا علي انا عارف انكوا لسه قاعدين في مصر يومين بنات الغالي وحشوني اوي و نفسي اشوفهم و اكيد هما كمان نفسهم يشوفوني 
استدار علي بنصف جسده ثم قال بلهجه ساخره 
معلوماتك غلط احنا مسافرين اسكندريه كمان شويه و اخواتي مش فاكرينك اصلا و لا يعرفوك عشان توحشهم او يكونوا عايزين يشوفوك 
عودة للوقت الحالي 
غلط يا علي 
تحدثت فاطمة بعدما استمعت لحديث 
علي لتقرر مساندته ليصل إلى الطريق الصحيح فهب علي من مكانه ما ان استمع لحديثها قائلا بلستنكار
هو ايه اللي غلط يا ماما 
اللي انت عملته و اللي قولته أصول كنت جيت خدت اخواتك و روحت خلتهم يشوفوا جدهم و يطمنوا عليه 
صدم علي من حديثها و قال مستفهما 
انت يا ماما اللي بتقولي كده بعد كل اللي جدي عمله فيك! 
أيوا انا اللي بقولك كدا اللي حصل بينا و بين جدكوا زمان كان ماضي و اتقفل و انتوا ملكوش دعوة بيه دول اهلك انت و اخواتك و دا جدكوا و له حق عليكوا 
قاطعها علي غاضبا
دانت ناقص تقوليلي خد اخواتك وروحوا عيشوا معاه 
مش هقدر اجبركوا علي حاجه بس هقولك كلمتين تحطهم حلقه في ودنك أبوك
الله يرحمه عاش متعذب عشان كان بعيد عن أبوه كان بيتمني ان جدك يراجع نفسه و يرضى عنه و مفيش حاجه هتفرحه في تربته غير ان ابوه ياخد ولاده في حضنه 
صمتت لثوان ثم اقتربت منه وهي تربت على كتفه ثم قالت بصوت حاني 
اعمل الصح يا علي عشان متجيش ټندم يا ضنايا بعد فوات الأوان و متفكرش انك لما تروح تزوره انت و اخواتك انكوا كدا بتيجوا علي كرامتي ! لا انا كرامتي ابوك الله يرحمه ردهالي يوم اختارني و وقف قدام الدنيا بحالها عشاني و دي اكتر حاجه تاعبه جدك يا ابني فكر يا علي و انا متأكدة انك هتقدر توصل للقرار الصح انا واثقه فيك 
اتهت كلماتها لتتركه يتخبط في حيرته فقد أشعره حديثها بالذنب تجاه ذلك الرجل فهو يعلم حق المعرفة انه يحتاج اليهم كثيرا و لكنه يعشق والدته ولا يستطيع نسيان ما عاشته من ألم كان هو المتسبب الرئيسي به 
بعد وقت ليس بكثير قضته كاميليا في السيارة بجانب يوسف لم يتحدث معها سوى بعد إنطلاق السائق الذي وجه سؤاله إلى يوسف عن وجهتهم لتسرع كاميليا بالرد عليه 
عالقصر يا عم عبده 
ثم أخذت تنظر إلى جانب وجهه بوسامته الفائقه و تلك الهاله من الهيبه تحيط به لتجد نفسها تقترب منه و تطبع ورود اعتذارها على صدغه و هي تقول بهمس 
أسفه 
و لكنها لم تجد منه أي استجابه لفعلتها فأصابت قلبها الخيبة لعدم تأثره بإعتذارها و لكنها لم تكن تدري شيئا عن تلك العواصف التي أخذت ټضرب قلبه ف فعلتها تلك وقربها منه بهذا الشكل المهلك لجميع دفاعاته و حصونه قد أصاب ثباته في مقټل فهو في كل الأحوال و إن كان غاضبا منها يعشقها حتى النخاع و لكنه أراد أن يقسو عليها قليلا لكي لا تعود لتلك الافعال الغبيه مرة آخري 
وقفت السيارة أمام الباب الداخلي للقصر ل يترجل منها بطلته المهيبة متجها إلى باب القصر
متجاهلا وجودها خلفه ليتفاجأ
يوسف انت بتعمل ايه حد يشوفنا 
أجاب يوسف و هو مأخوذا برائحتها العذبة و جمالها الذي يأسره 
و ايه المشكله هو إنت مش مراتي و لا ايه 
لتشعر بالسعاده إذن فهو كان يشاكسها منذ قليل و حاولت رسم القوة في نبرة صوتها 
أيوا طبعا مراتك بس لو حد شافنا كدا يعني ميصحش و بعدين مانا كنت ماسكه إيدك إيه بقي لازمته كدا 
انا عايز كدا و بعدين دا جزء من عقابك ع الهبل اللي قولتيه في المستشفى 
اغتاظت من حديثه لتهم بالرد عليه و لكن فجأه انفتح الباب و رحبت بهم الخادمه و سرعان ما تقدم بها يوسف وهي على مقربة كبيرة منه به فكان كل من يراهم يظن أنهم قادمان من شهر العسل لا من المشفى 
تقدموا إلى الداخل و قد وجدوا الجميع في إنتظارهم و اندفعت روفان تجاه كاميليا ټحتضنها بشوق و ترحيب و كذلك صفيه و كان خلفهما كلا من سميرة التي كانت نظراتها
ممتلئه بالحقد والڠضب من ما تراه و مراد الذي عاد للتو من رحلته و رحيم الذي كانت عيناه مشټعلة من طريقة اقترابهم ببعض ليتضاعف الڠضب داخله حين وجد ذلك القادم من الخلف و هو يناظره بنظرات تملؤها السخرية فاندفع قائلا بصياح
انت ايه اللي
جابك هنا أنا مش قولتلك مش عايز اشوف وشك هنا تاني 
دب الذعر في أوصالهم جميعا من هيئة رحيم الغاضبة ليفاجئهم يوسف و
53  54  55 

انت في الصفحة 54 من 86 صفحات