الأنشودة التاسعة نورهان العشري ج٣ سلسلة الأقدار
لازم بيتعب .
احتار من مغزى كلماتها فتبلورت حيرته فر نظراته فانتزعته من بئر هواجسه قائلة
_ انا عارفه كل حاجه مخبيها في قلبك يا سليم و حاسه پالنار اللي جواك .
لا يقوى على الهرب ولا يستطع اطلاق العنان لكلماته شفقة و رأفة بحال تلك الأم المكلومة والتي لا تفلح في أخفاء ۏجعها عن أعينهم و حتى لو اخفته جسدها لا يتحمله
تأثر قلبها بمحاولته للهرب من هذا الحديث الشائك رأفة بها ولكن لم يكن هناك مفر من المواجهة لذا قالت بهدوء
_ اللي تاعب جنة مش جلساتها . سبب تعب جنة كلنا عارفينه . عشان كدا بقولك اللي بيختار طريق الحق بيتعب .
_ و الحل هفضل اتعب لحد امتى هفضل اشيل ذنب مش ذنبي لحد امتى
أمينة بأسى
_ دا ابتلاء يا ابني و منملكش إلا الصبر عليه .
_ صابر . صابر و بقول يارب و مش معترض . بس مش قادر اعمل حاجه . حاسس اني متكتف . حاسس اني عاجز يا أمي قصاد ۏجعها و ۏجعي واجبي تجاه عيلتي .
_ انا مش مطفي و بس . انا بمۏت بالبطيء.
كان الألم ابلغ من أن تعبر عنه لذا اختارت تجاوزه و بشق الأنفس استطاعت اخراج حديثها بتلك النبرة القوية
_ و ليه تسمح لنفسك أنها توصل بيك لكدا
_ و مطلوب مني اعمل ايه
_ تصبر و تدي لنفسك و ليها وقت تستوعبوا اللي حصل . و خليك عارف و متأكد أن جنة اللي هي فيه دا شيء عابر جاي نتيجة صډمتها .
_ اشمعنى دلوقتي ليه ساكته كل دا
أمينة بتفكير
_ يمكن كانت بتقاوم
صمتت لثوان قبل أن تضيف بغموض
_ أو يمكن يكون حصل حاجه حركت الڼار اللي جواها دي و خلتها تشعلل تاني !
توقف سليم لبرهه يزن كلمات والدته والتي جعلت حوافر القلق تنشب مخالبها في عقله ولكنه تداركها وقال باستفهام
أمينة بصدق
_ مش محتاجه أن جنة تكلمني يا سليم . بس انا كنت متوقعه أن رد فعلها هيظهر في أي وقت . ولما شوفتك النهاردة عرفت انها بدأت تعبر عن اللي جواها .
زفر بيأس تجلى في نبرته حين قال
_ والحل يا أمي
أمينة بتعقل ينافي لوعتها من الداخل
_ بالهداوة يا سليم . كل شئ بييجي بالهداوة وانت بتحبها وهي روحها فيك يبقى نصبر على بعض واوعى تسمع لكلامها هي أصلا مش عارفه بتقول ايه متاخدش كل حاجه على قلبك . طاطي للريح يا سليم . دا مش ضعف منك بالعكس دا ذكاء . عدي بحياتك لبر الأمان معاها و صدقني مش هتندم ..
كانت السماء صافية مزينة بنجومها المتلئلئه التي تحاكي في روعتها عينيها الجميلة و خصلاتها السوداء كليل طويل حالك السواد الذي كانت ترى به مستقبلها على الرغم من أنها تحيا في كنف والداها الحقيقيين ولكن هناك الكثير من التخبطات بداخلها تجعلها فريسة للكآبة المضنية التي تحجب عنها رؤية كل ما يحيط بها من جمال و فجأة أطلت صورته من قرص القمر الذي يتوسط السماء الآن فأخذت تتذكر ما حدث منذ يومين حين كان مع والدها بمكتبه
عودة لوقت سابق
_ انت عتچول ايه يا صفوت بيه
صفوت بجمود
_ اللي سمعته يا عمار
هب عمار من مكانه وهو يقول پغضب
_ دا انت جاصد اللي بتجوله ! بجى أنا عمار عمران حفيد الحاچ عبد الحميد عمران اشتغل حداكوا في بيت الحمير !
صحح صفوت كلماته بهدوء مثير للأعصاب
_ اسمه اسطبل خيل .
عمار بصړاخ
_ وهي تفرج !
صفوت بتحذير
_ صوتك يا عمار ! و بعدين ماهي بنت الوزان وانت شغلتها في الزريبة عندكوا !
عمار بحدة
_ مكنتش بجت بنت الوزان . ولا كنت حبيتها وبعدين انت لو مفكر انك أكده بتنجم مني فلاه . مش هيحوصول و خليني افكرك أن لولاي مكنتش عرفت انها بتك من الأساس ..
كانت محاولة جيدة منه بتذكيره بأن له اليد العليا في اكتشاف هذا السر ولكنه أبى الاعتراف بذلك و قال بجفاء
_ صح انت عندك حق . بس انا بقى حر في شروطي للي هيتجوز بنتي . لازم اتأكد أنه شاريها
تبدلت نظراته إلى أخرى غامضة وهي يقول بتحذير
_ يعني ده آخر حديت عندك
صفوت باختصار
_ ايوا..
صاح عمار بزئير ارعد الجميع
_ يبقى متلومش غير نفسك ..
صفوت بحدة
_ انت بتهددني
عمار مصححا
_ لا بعرفك .
صفوت بسخرية
_ بتعرفني ايه أن شاء الله ناوي تعمل ايه
_ هخطوفها . اني هخطوفها.
لم يمهله الوقت للحديث بل اندفع للخارج أمامهم جميعا وهو يصيح كالثور
_ بصي يا بت الحلال اني دخلت البيت من بابه و الباب اتجفل في وشي . انا اكده عداني العيب يا وزانين . عداني العيب يا سالم يا وزان . لما ابجى أخطوفها ميبجاش حد يلومني .
كان سالم يقمع ضحكاته بصعوبة على مظهر عمار و كلماته و قد فطن ألى أن صفوت قد أثقل العيار قليلا لذا قال بتسلية
_ وماله يا عمار و انت بردو متلومناش على رد فعلنا ..
كلماته كانت وقودا لنيران عمار الهوجاء فصاح الأخير پجنون
_ وماله وخليها حرب عالكل و مبجاش عمار عمران أن ما خدتك يا نچمة من خشم السبع .
داخليا تراقص قلبها فرحا إثر كلماته التي توحي بمدى عشقه لها ولكنها شعرت بالخجل يغمرها وهي ترى نظراتهم المستمتعة بما يحدث حولهم فصاحت بتلعثم
_ ايه الحديت الماسخ ده . خشم ايه و سبع أيه فاكرني جطة ولا اي
عمار باستنكار
_ جطة فرخة ولا حتى بجرة هتجوزك يعني هتچوزك .
اغتاظت من تشبيهاته النكراء فهتفت باستنكار
_ بجرة ! بيجول ايه البغل ده
همست فرح بجانب أذن سالم
_ سالم أنا هولد قبل اواني مش قادرة امسك نفسي ھموت من الضحك .
سالم محذر
_ اظبطي نفسك و إياك تضحكي ..
جاءهم صوت صفوت من الخارج و الذي بدا مستمتعا بمظهر عمار الأقرب للجنون
_ بقرة اهي عشان بقرة دي في اختبار تاني لازم تمر بيه اومال تقول على بنتي بقرة و اسكتلك !
عمار بسخرية
_ اختبار تاني اه و ماله ! و المرة دي ايه