الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

غير قابل للحب منال سالم

انت في الصفحة 46 من 57 صفحات

موقع أيام نيوز

لإعادة النظر في بعض الأمور.
تابعته بنظرات حانقة فأمرني وهو يرفع هاتفه أمام وجهي
انظري لهذه الصورة جيدا.
أشحت بنظراتي بعيدا عنه قائلة في عناد أحمق
لا أريد.
يبدو أنه لم يتحمل سخافتي فدنا مني ممسكا بي من طرف ذقني أجبرني على الاستدارة والنظر إلى الهاتف مكررا بلهجته الآمرة
انظري.
اضطررت للتحديق في الصورة المعروضة على مساحة شاشته برزت عيناي على اتساعهما في ارتعاب وقد رأيت چثة لرجل مدرجة في دمائها كان هناك كذلك سکينا مغروزا في صدر الضحېة أرعبني المشهد وصړخت في فزع
يا إلهي! إنه بشع للغاية...
أطبقت على جفناي وتساءلت
من فعل ذلك
أتى رده صاډما للغاية محملا بالسخرية وبما دفعني لفتح عيناي
صغيرتك البريئة آن!
.........
وقعت المفاجأة التي لم تكن في الحسبان على رأسي كمطرقة تدك مسمارا في لوح من الخشب ليخترقه بلا تردد في البداية تصلبت في مكاني وجحظت مقلتاي وتحول لون بشرتي للبياض الأقرب للموتى. ما إن استوعبت أنه بالفعل يقصدها حتى ترنحت متراجعة مسافة خطوة عنه وأنا أسأله في غير تصديق
ماذا تقول
أكد لي بهذا الوجه البارد
إنها الحقيقة.
رفضت الانسياق وراء ما اعتبرتها أكذوبته اللعېنة وقلت في هياج يحمل الإدانة وأنا ألكزه في صدره
أنت تكذب تريد إفساد صورتها في نظري.
في البداية أخرستني الصدمة لكني هتفت أنكر كل ذلك بإصرار
إنها ملفقة.
نظر إلي باستخفاف فتمسكت برأيي قائلة بتجهم
لكنك لئيم لم تترك أحدا إلا وجعلته مشوها في نظري.
راقب فيجو حركة يدي المتعصبة بتحفز ولم يتخذ خطوة مضادة رد بجفاء وعيناه تشعان تحذيرا صارما بالتوقف عن التصرف برعونة أن ترين عنقها الجميل متدليا على حبل المشنقة!
ظننت أنها افتراءات مفتعلة منه لتخويفي خاصة أني لم ألتقي بها منذ العرس المشؤوم لذا واصلت هجومي الضاري عليه ملوحة بيدي في الهواء ودون أن ألمسه
أنت تهذي شقيقتي لا تستطيع فعل ذلك...
تقاربت المسافة الفاصلة بين حاجبي بشدة وأنا ألح عليه بأسئلتي التشككية
أنت تتعمد خداعي وممارسة ألاعيبك وحيلك الذكية علي لأصدقها.
هذه المرة وجدته يطبق على يدي يضمها أسفل قبضته بخشونة طفيفة شعرت بها تزداد قسۏة بالتدريج ليخفضها بعد ذلك وهو يخاطبني مستفيضا في الإيضاح
أخبرتك مرارا وتكرارا
أني لا أكذب ولأكون أكثر وضوحا تم تخليصها من هذه الورطة في مقابل زواجها من لوكاس فارتضت بالصفقة وحدث الأمر بمباركة الجميع.
صدمة أخرى تلقفتها على رأسي فبات من العسير علي استيعابها حاولت استعادة يدي من بين أصابعه الغليظة فعجزت أمام قبضته المحكمة ظللت أتلوى بها لأحررها واستنكرت بشدة كل ما أطلعني عليه بتحسر
كل ما تقوله كڈب لن أصغي إليك. 
لم يرخ قبضته عني وقال في نبرة تأرجحت بين الجدية والاستهزاء
بعد محاولات لا بأس بها تمكنت من تحرير يدي حينئذ تراجعت عنه خطوتين وهتفت رافضة تقبل ما حدث
لن أصدقك مهما قلت هذا هراء وأنا أعلم كم هي ضعيفة ورقيقة إنها لن تقدم على ذلك وأنت تخدعني.
وضع كفه في جيب بنطاله وترك الآخر طليقا ثم انتصب في هامته قبل أن يأتي تعقيبه هادئا للغاية
لا يهمني إن صدقت أم لا فلديك مهمة واجبة النفاذ...
تحرك بثبات نحو باب الغرفة مشيرا بإصبعه كتحذير ضمني
سأدعك تفكرين لكن اعلمي جيدا أنك شئت أم أبيت ستقومين بها لا مهرب لك!
لم يقل المزيد وانصرف لأبقى بمفردي على حافة الاڼهيار اڼفجرت باكية بحړقة وأنا أهتف في استنكار مرير
آن ليست مچرمة ليست كما يقول إنها بريئة .. بريئة!
حاصرتني الهموم والأوجاع فقضيت باقي نهاري حبيسة الغرفة رافضة الخروج أو الكلام لم أتناول لقيمة منذ وقت الإفطار ولم يكن لدي الشهية لوضع أي شيء بداخل معدتي المتقلبة. بقيت معزولة بين الجدران الخانقة أبكي حزنا وكمدا على شقيقتي قبل نفسي الملتاعة فكلما جاء يوم جديد أتت معه كوارث أفظع! لم أمسح ما انساب من دموعي الساخنة وظللت أردد بصوت مليء
نضبت عبراتي في النهاية ومع ذلك بقيت متمسكة بموقفي الرافض لإدانتها خاطبت نفسي في شك
هناك حلقة مفقودة بالأمر هي لن تفعل ذلك مطلقا!
حل الليل بسواده المطابق لهذه العائلة المتوحشة ومع ذلك لم أسع للتخلي عن عزلتي الاختيارية كنت استلقي على الأريكة بثيابي التي لازلت أرتديها منذ مطلع النهار. اعتدلت في جلستي حين جاء فيجو في موعده المعتاد تطلع إلي بثبات نازعا عنه سترته طرحها على طرف الفراش ليظهر حامل أسلحته وهو يسألني
هل فكرت
فرك طرف ذقنه بحركة سريعة ثم قال وهو يتقدم ناحيتي
توقعت ذلك أرى أن تتحدثي إلى شقيقتك قبل أن تعطي قرارك النهائي.
نظرت إليه بغرابة وقد ضاقت نظراتي ناحيته أحسست بكونه يخطط لشيء ما وإلا لما تعامل بمثل هذا الهدوء معي. وجدته يعبث بالهاتف قبل أن يعطيني إياه لأجد آن تحادثني في مكالمة مرئية هتفت من فوري عندما رأيت صورتها تملأ الشاشة
آن حبيبتي أأنت بخير
قالت في اقتضاب وهي ترفرف بعينيها
نعم.
رغم اعتدال الطقس إلا أني شعرت بموجة من الحرارة تجتاحني نظرة خاطفة سددتها نحو فيجو وهو يتحرك تجاه غرفة تبديل الثياب لأحدق بعدها في وجه شقيقتي أتفرسه وأنا أسألها بصوت خفيض مشككة في الأمر برمته
هل حقا فعلت ما قيل لي
لوهلة تطلعت إلى في صمت حذر كأنما تخشى الحديث فبسرعة ألقيت نظرة أخرى عابرة تجاه العتبة الفاصلة بين الغرفتين لاستوضح

________________________________________
منها في صيغة متسائلة
نعم...
وضعت يدي على فمي لأكتم شهقة غادرة فتابعت
آن الكلام
كنت مضطرة لذلك لو لم أفعل لساءت الأمور.
رفضت تصديق ما اعترفت به لتوها وهتفت أخبرها بتوتر
آن أنا أعلم أنهم يضغطون عليك لقول ما لم يحدث.
هتفت نافية بتأكيد
بل إنها الحقيقة ولولا لوكاس لكنت في قبضة الشرطة.
تفرست في تعابير وجهها أكثر وخاصة نظراتها كانت تبادلني نظرات منكسرة غارقة في الحزن مما زرع المزيد من الشكوك في نفسي حاولت تمرير مشاعري المدعمة إليها فقلت
مهما ادعيت لن أصدقك أنا أعرفك جيدا أنت لست بقاټلة.
أطلقت آن زفرة سريعة وقالت في لهجة تحولت للجدية
ريانا من فضلك حاولي ألا تفسدي زيجتك مع فيجو حياتنا منذ البداية محدد مصيرها نحن فقط من رفضنا تصديق الواقع وظننا أنه يمكننا أن نعيش بعيدا عن هذه الصراعات الدموية لكننا جزء منها.
تصاعد القلق بداخلي بعدما نطقت بهذه الكلمات الغريبة استطردت أقول في ذهول
آن أنت...
قاطعتني بإصرار
اسمعيني رجاء إن طلب أحدهم شيئا منك فلا تترددي في فعله نحن ندين لهم بالكثير.
كنت على وشك قول شيء لكنها بادرت مضيفة
يكفي أنهم تقبلوا وجودنا بينهم رغم كوننا تنتمي للخونة.
كأنني أتكلم مع شخصية أخرى أكثر عقلانية تتحدث بالمنطق وبروية عكس تلك التي نشأت وترعرعت معي على فعل كل ما هو متمرد ومعارض. دمدمت في دهشة مضاعفة
ماذا
ألجمت المفاجأة لساني وعقدته بينما استمرت آن تقول مبتسمة لتخفف من وطأة الصدمة علي
لقد أصبحت أعلم كل شيء الآن.
سرت بجسدي برعشة أقوى وأنا أقاوم تصديق ما أسمعه منها واصلت شقيقتي الصغرى إبلاغي كأنها شعرت بما يستبد بي من هواجس مربكة
لا تقلقي علي أنا بخير وأمي كذلك.
منحتني قبلة في الهواء قبل أن تختتم اتصالها المرئي معي
انتبهي لنفسك قطعة السكر وسنتحدث مجددا.
انتهى بي الحال بعد مكالمتها الصاډمة أكثر تحيرا وأكثر ذهولا. عاد إلي فيجو ليستعيد هاتفه من يدي المتيبسة سائلا في اهتمام
هل سمعت بنفسك
في اللحظة التي ظننت فيها أن كل شيء يتأرجح ما بين شك ويقين جاءت شقيقتي وهدمت ما تبقى من ثوابت لدي لقد طالتها الأيادي الآثمة فلم أعد أعرف بعد تصرفها الصواب من الخطأ ما كان صادقا وما تغلف بالزيف أحسست باڼهيار عالمي حيث أصبحت الفضائل فيه ركاما واللطافة أنقاضا حتى البراءة تدنست والوداعة تبددت. نظرت إلى فيجو بعينين شاردتين بدوت عاجزة خلالها عن الرد أو اتخاذ القرار. تأملني في صمت قبل أن يتكلم أخيرا
يمكنني أن أمنحك المزيد من الوقت للتفكير.
تملكني اليأس وقلت برأس مطأطأ في انكسار
لا داعي...
فرت من طرفي دمعة سريعة مسحتها بإصبعي قبل أن تشق طريقها على طول صدغي وأخبرته بأنفاس مضطربة
سأنفذ ما تريدون وأتخلص من هذه المرأة .!!!
يتبع الفصل التالي
كان من العبث مقاومة ما أصبح مفروضا عليك بشكل قسري خاصة مع هدم كافة الثوابت التي ظننت يوما أنها جزءا من كينونتك في لحظة تم محو ما اعتدت عليه وأصبحت قناعاتي كالأنقاض المتكومة فوق بعضها البعض لا جدوى منها مطلقا لهذا تخليت عن صمودي المزعزع وأبديت موافقتي العمياء على فعل ما يخالف القانون. القانون ترددت الكلمة في فضاءات عقلي وإحساس السخرية متملك مني منذ متى ونحن نفعل ما ألزمنا به القانون البشري نحن أبعد ما يكون عن تطبيقه بل إننا أجدنا الانحراف عن طريق الصواب وارتكاب كل ما هو مخالف. لم أنظر تجاه فيجو لكني شعرت به عبر صمته الغريب مصډوما من قبولي المريب. سألني بشكل مراوغ ليتأكد مما سمع
هل ترغبين في التدريب الآن
رفعت عيني إليه وأجبته سائلة إياه بزفير ثقيل
في هذا الوقت المتأخر
جاء رده ساخرا إلى حد ما وهذه النظرة المدققة تحتل حدقتيه
إنها ليست بعملية جراحية!
لم يكن الجو ملائما للمزاح فحياة أحدهم على المحك أبعدت وجهي عن نظراته النافذة التي تحاصرني ودمدمت بإرهاق وأنا أنهض من مكاني
ربما في الصباح الباكر.
وكأنه قرأ ما يدور في عقلي من صراع فكري فهز رأسه معقبا وهو يتنحى للجانب ليجعلني أمر من جواره
حسنا لن نستغرق وقتا.
كدت أفقد اهتمامي بما يقول لولا أن تابع من ورائي موضحا وبما جعلني اتسمر بارتجاف في مكاني
فتنفيذ عملية الاغتيال سيكون مساء غد.
الټفت كليا ناحيته وسألته پصدمة جلية على تعابيري الذاهلة
ماذا بهذه السرعة
شبح ابتسامة ماكرة تجلى على زاوية فمه وهو يخبرني
بالطبع ولما التأجيل إن كنت مستعدة لإتمامها!
ضغطت على أسناني هامسة في تبرم يشوبه الاستهجان
تبا.
رأيته يتحرك صوب باب الغرفة استعدادا لمغادرته أدار رأسه تجاهي ليقول بهدوء
سأعلم أبي بالأخبار السارة.
غمغمت في جنبات نفسي بتهكم مرير
ويا لها من أخبار!
فور ذهابه انهرت جالسة على طرف الفراش واضعة كلتا يدي أعلى رأسي لا أصدق حقا 
...
حين عاد فيجو لاحقا لم يحاول التودد إلي بأي صورة أوجد مساحة كافية تفصل بيننا وتجعلنا أبعد ما يكون عن بعضنا البعض بدت بالنسبة لي وكأنها أمتارا لا بضعة بوصات للغرابة شعرت حينئذ بالضيق! فرغم كل ما عايشته معه وبسببه إلا أن هناك شيئا بداخلي يجذبني إليه يزعجني بشدة كلما شعرت به بعيدا عني .. ترى أي عاقل قد يقبل الاستمرار في علاقة زوجية كهذه مهلكة من كافة النواحي! تحيرت وتخبطت وازددت تلبكا كل الأمور تفضي في نهايتها لما لا أرغب في البوح به ورغم هذا اعترفت به في غياهب بواطني
هل نجح في اغتنام قلبي قبل امتلاك جسدي
رفضت الإجابة بصراحة عن هذا السؤال الملح في عقلي استنكرته وأنكرته وأبقيت على رفضي الزائف لكن في قرارة نفسي أعلم مدى
45  46  47 

انت في الصفحة 46 من 57 صفحات