قصة رائعه إسراء الوزير
وعرفتها قبل ماكلمك لأني كنت واثق انك هترفض
وتحت نظرات صديقه المشدوهة هم ليستدير قبل ان يقول من فوق كتفه بحنق
_ واعتبر صحوبيتنا انتهت من دلوقتي
وكان صادقا بكل ما أطلق من وعيد في ذلك اليوم حيث تزوجها واستطاع محو فكرة الإچهاض عن رأسها داعما إياها بمحنتها متخذا من ريان ابنا له وهو الغير قادر عن الإنجاب اختفيا عن الأنظار بعيدا عن مجال بحث راضي وكأن الأرض انشقت وابتلعت ثلاثتهم! فذهبوا جميعا تاركين راضي الذي حقق ما كان يبغى في عدة أعوام ولكن لم يجد قلبه الرضا ولم يسمح ضميره بالعفو عن هذا الجرم الذي ارتكبه بحق سحر ومختار وابنه وحق نفسه في المقام الأول بات قلبه دوما ذا حلقة مفقودة ينشد الوصول إليها حيث ترك قطعة منه وتجاهلها في مقابل تحقيق طموحاته العالية وركضه خلف ملذات الدنيا الزائلة!
_ شكرا
استعاد وعيه سريعا وهو يلتفت إليها متأملا إياها بهدوء بينما يقول متسائلا بشرود
_ إنتي تقربي ليه إيه
التفتت إلى ريان للحظة قبل ان تغمض عينيها ثم تعود بصرها إليه قائلة ببعض التوتر
_ أنا أنا ابقى آسيا جارته بشتغل في حسابات المستشفى هنا وأول ما شفت بطاقته وأنا بسجل البيانات جيت جري ألحقه
_ طب ما تتصلي على أهله خليهم ييجوا يقعدوا معاه!
زمت شفتيها بحزن قبل ان تقترب من السرير قائلة بنبرة خاملة مټألمة
_ أبوه ومامته متوفيين من زمان
اعتصر الدمع عينيه بمجرد نطقها لهذه الجملة التي كادت تقتله من الألم المنبعث من حروفها وعنصر المفاجأة الذي كان ولا يزال يصاحبه في هذه الليلة العجيبة يتمنى لو كان منفردا الآن كي يصدح صوته بأعلى الصرخات باكيا حزينا متحسرا على خسارة عزيزة تبناها عرفيا زوجته و صديقا عده القلب الأقرب إليه مع مرور الزمان واقټحام الفراق! فات الأوان وماټت الفرصة التي ظنها للحظات ممكنة كي يستطيع المصالحة وطلب الغفران قاطع نشيجه الخفي آهات خفيفة الصوت انبعثت من حنجرة ريان تعبر عن الألم المجتاح برأسه وبقية أجزاء جسده ليلتفت نحوه متناسيا الغصة التي علقت بحلقه فور وصول هذا الخبر المفجع إلى مسمعه ليلحظ انخراط صغيره في طور الافاقة بعد الإغماء ولكن لم تساعده شجاعته بانتظار النظر الى عينيه حيث بات الضمير ېعنفه وقلبه يعتصره الألم بلا رحمة او شفاء ليقف عن الكرسي باقدام مزلزلة تكاد تحملانه بينما يلتفت إلى آسيا الشابة قائلا بنبرة يحاول جاهدا إخفاء اختناقها
ثم استدار متجها إلى باب الغرفة بينما اعتدلت آسيا بجذعها ثم أسرعت إليه منادية
_ استنى لو سمحت
توقف عن السير دون ان يلتف كي لا يضعف ويجهش في البكاء ما ان يعود إلى رؤية صغيره من جديد بينما تقول آسيا مكملة
_ اديني رقمك
_ ليه
سألها بنبرة جافة تخفي من الانكسار اطنانا فتقدمت آسيا لتطالع وجهه وهي تمسك بهاتفها قائلة
همهم في نفسه قائلا بمداعبة يسكن الحزن بثناياها
_ وإلا ما يبقاش ابن مختار!
_ حضرتك بتقول حاجة!
بادر يقول نافيا
_ لا لأ سجلي الرقم
وأملاها بفتور رقم هاتفه بينما يحدق بتفصيلات وجهها الملائكية بعمق وقد أدرك من فور دخولها حقيقة ما تكن
_ ابقى خلي بالك منه يا قمر
أجابته قائلة بابتسامة واسعة
_ في عنيا
بادلها الابتسامة ولكن ضعيفة تكاد تنفرج لها شفتاه ثم أكمل طريقه مغادرا الغرفة والمشفى بأكمله عائدا إلى بيته وحيدا رغم ما حوله من الاقرباء شريدا رغم ما حصل عليه من المكانة العالية!
_ كلام اي اللي بتقوله ده يا نضال باشا معقولة لسة عايش!
أتاه رد الثاني بنبرة واثقة يقول مبررا
_ مكانش ينفع نقتله يا ماهر كفاية خدنا الملف وإلا كانت الشرطة تشك فينا من أول لحظة! نشكر بقى ولاد الحلال اللي انقذوه
زفر ماهر بنفاذ صبر ثم أكمل بنبرة مقتضبة يملؤها الحقد
_ بس طول ما هو عايش مش هيبطل ينخر وراك ف كل قضية ده ولد مش سهل أبدا
أطلق نضال ضحكة عالية ساخرة شيطانية اتبعها بقوله بثقة
_ صبرك يا ماهر كل حاجة ف وقتها حلوة أنا عارف انه تلميذ وحش وخرج عن طوعك واتمسك بمبادئ وكلام فاضي وفتح مكتب صغير عشان يحقق المبادئ دي خلي المبادئ تنفعه بقى! المهم مبروك عليك كسبان القضية يا سعادة المحامي الممتاز
أجابه يقول بوجوم
_ الله يبارك فيك يا باشا
ما ان أنهى الاتصال حتى ورد إلى مسمعه صوت بوق سيارة والده وقد أعلن وصوله أخيرا ركض ماهر إلى الخارج بسرعة مستقبلا والده الذي ترجل عن السيارة من بابها الأمامي إشارة الى كونه من كان يقودها لا السائق تقدم منه ماهر وهو يتساءل بلهفة يكسوها العتاب
_ يعني ينفع كل ده وقت تتاخره يا بابا وبعدين فين السواق انت ازاي تسوق لوحدك كدة و....
قاطعه راضي ناطقا بنبرة ضائقة لا تحتمل النقاش
_ سيبني دلوقتي يا ماهر وأجل كل كلامك للصبح أنا دلوقتي تعبان وعايز ارتاح
ثم دلف عبر الباب الداخلي للفيلا فورا تاركا ماهر الذي عقد جبينه بحيرة غير فاهم لم تغيرت نبرة والده بهذه الطريقة كما معالمه المتقلصة! ولكنه أرجع ذلك الى تأثر والده بحاډث الليلة فهو يعرفه ويعرف كيف قد يصل به الحال من التفجع على شاب كاد يفقد حياته قبل ساعات اكتفى بأن لا تتدهور صحة والده بعد هذا الجهد البدني والمعنوي
_ خلاص بقى ماتزعلش نفسك فداك يا ريان
أردفت بها آسيا وهي ترمق ريان بحزن محاولة التخفيف قليلا من الوجوم الكامن بصدره منذ أن أفاق وعلم ان حقيبته سړقت منه والتي كانت تحتوي على ملف بغاية الأهمية فقد كان سيوقع بعصابة هذا المهرب الذي يتاجر بالمخډرات وأدوات السلاح دون أن يرق قلبه للحظة بمعرفة العواقب! نطق يقول بعبوس بدا بقسماته قبل نبرته
_ خسړت كتير اوي والله حاجة تزعل! أكسب القضية ازاي دلوقتي!
جلست على الكرسي جانبه قائلة بابتسامة حنو
_ يا عم القضايا جاية كتير والمشوار معاهم طويييل بس انت خف الأول وأن شاء الله تعرف تمسكهم ف حاجة اقوى تدخلهم كلهم السچن ومعاهم ماهر اللي اتتريق عليك ده!
_ أن شاء الله
قالها بفتور ثم سرعان ما استطرد وهو يلتفت إلى آسيا قائلا باهتمام
_ إلا صحيح عايز اعرف إنتي شفتي الراجل اللي انقذني انبارح انا سمعت انه اتبرعلي بدمه كمان!
اومات برأسها بسرعة وهي تقول إيجابا
_ آه الحمد لله شفته واخدت رقمه كمان
اتسعت عيناه بدهشة قائلا
_ والله!
_ آه والله أخرج انت بس من المستشفى وأبقى اتصل عليه وقابله
اراح رأسه على الوسادة البيضاء قائلا برضا
_ أكيد بإذن الله ده ملاك جه انقذني ربنا يكرمه!
لقيطة ولكن
الفصل الثاني
إسراء عبدالقادر الوزير
_ ألف سلامة عليك يا أستاذ ريان
قالتها وهي تقترب من السرير ببعض القلق البادي بملامحها بينما يجيبها المتسطح عليه بنبرة هادئة يسكنها وجوم كبير
_ شكرا يا آنسة تمارا
توقفت ما ان أصبحت قريبة منه إلى الحد الذي جعل صوتها الخاڤت الملئ بالغنج يصل إلى مسامعه حيث تقول بنبرة حزن نجحت بإبداعها
_ معلش بقى على ضياع الملف المهم انك بخير
غض بصره عنها إلى الجهة الأخرى متجنبا ما ترتديه من ثياب ملاصقة لجلدها مبدية مفاتنه بجرأة دون استحياء فأكمل بهدوء
_ الحمد لله على كل حال
وهنا تلقت طرف الخيط الذي ستبدأ به الحديث حيث استرسلت بنبرة اهتمام
_ ماخدتش بالك من شكل صاحب العربية او حتى رقمها
اطلق تنهيدة متعبة بعدما عمدت لتذكيره بما حدث بالأمس وأدى إلى ضياع حقيبته الغالية اكتفى باختصار كلماته بنبرة يعلوها الضيق
_ هو انا لحقت اعمل حاجة العربية جت بسرعة كبيرة خبطتني واغمى عليا مالحقتش اشوف أرقام
همت لتتحدث من جديد وقد بدا الاستعطاف على معالمها حيث تريد مواساته ولكن اوقفتها آسيا التي دلفت إلى الغرفة دون إنذار مسبق لينظر نحوها ريان ويرسم ابتسامة مجاملة على ثغره على خلاف تمارا التي امتعضت ملامحها فور رؤية مقاطعتها لحديثهم الهام تجاهلتها آسيا أو بالأحرى لم تلتفت لها وإنما تقدمت من ريان وهي تقول مع ابتسامة مشرقة
_ صباح الخير يا أستاذ ريان
ثم التفتت الى تمارا قائلة بابتسامة باردة
_ صباح الخير يا أستاذة تمارا
لم تجبها وإنما عجزت عن تكبيل مقتها الشديد لهذه الغبية حيث تردف بنبرة حانقة
_ مش كنتي تخبطي الأول قبل ما تدخلي ولا انتي بتعملي كدة مع كل المرضى في المستشفى من غير ما تراعي الإتيكيت
فرك ريان جبهته بيده السليمة ضجرا وقد بدأت هذه في المناوشة من جديد بينما ترد عليها الثانية قائلة بنبرة جليدية
_ في الحقيقة مادخلتش أبدا أوضة مريض قبل كدة إلا من ساعة ما ريان جه أصل أنا محاسبة هنا مش ممرضة
ثم استطردت باستهزاء
_ وبعدين انا مافهمش يا ستي في الإتيكيت ده ولا أعرف بيتكلم عن إيه بس يوم ماكون عايزة اعرف أكيد مش هعرف منك انتي!
كتم ريان ضحكته عن الصدوح بصعوبة بالغة بينما احتقنت معالم تمارا حتى صارت بشرتها الوانا من كم الحرج حيث انقلبت السخرية على الساخر فما كان منها سوى أن أسندت حزام حقيبتها على كتفها ثم اتجهت إلى باب الغرفة قبل ان تلتفت إلى ريان قائلة بامتعاض
_ ألف سلامة عليك مرة تانية يا أستاذ بعد إذنك
ثم خرجت مسرعة دون انتظار الإذن منه وهي تصدم الأرض بخطواتها ذات الكعب العالي حيث تتمنى وبشدة لو كان معها قنبلة في تلك اللحظة كي تفجر بها هذه البسيطة المستفزة التي تحاول بشتى الطرق الدخول بحياة ريان متخذة الجيرة كوسيلة! في حين تدري جيدا هدف هكذا لئيمة مثلها تود الحصول على حبيبها الوسيم الذي تعشقه بكل تفاصيله فإن آسيا تجهل عواقب الاقتراب من ريان وكأن مجرد بقائها معه سيكون بمثابة اللعب پالنار!
خرجت وتركت كل من آسيا التي تقلصت معالمها بضيق شديد بينما يرمقها ريان باهتمام وهو يردف معتذرا
_ معلش يا آسيا ماتزعليش يا حبيبتي
هتفت رهف بعدم انتباه
_ انا بس مش فاهمة هي ليه بتعاملني....
بترت استرسال كلماتها ما ان استعادت تركيزها والتقطت الكلمة الأخيرة التي لفظها هذا من لسانه لتحدق ببنيتيه الهائمتين بها شوقا
فتبتلع ريقها ثم تقترب