الأنشودة التاسعة و الثلاثون حصري
فحمله مروان وهو يقول بسخرية
_ حبيبي يا ابني . اټخضيت انت كمان. حاسس بيك يا حبيب عمك . ماهي كدا إذا دخلت الشياطين اتخضت الملائكة .
ريتال بتصحيح
_ على فكرة المثل كدا غلط يا عمو .
مروان بحنق
_ قومي اخفي من وشي يا بت أنت.
اللهم إنك لا تحمل نفسا فوق طاقتها فلا تحملني من كرب الحياة ما لا طاقة لي به وباعد بيني وبين مصائب الدنيا كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم لا تحرمني وأنا أدعوك ولا تخيبني وأنا أرجوك. اللهم لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد إذا رضيت ولك الحمد بعد الرضا.
_ اهلا ب دكتورة المستقبل . تعالي يا لبنى ادخلي .
انشرح صدرها بلقبه الذي ما أنفك يناديها به لتتقدم إلى الداخل و داخلها يتمنى لو يسير كل شيء على ما يرام
جلست أمامه على المقعد و أخذت تناظره بصمت لم تفلح في قطعه ليبادر هو بالحديث قائلا
اومأت بصمت و الحروف تتأرجح فوق شفتيها ما بين الذهاب و العودة لتقرر أن تبوح بما يعتمل بداخلها حين صاحت بلهجة مرتجفة
_ انت عايزني أخرج معاهم عشان مشفوش صح
تفاجئ للحظات من حديثها ولكنه كان فرصة عظيمة لن يفوتها لذا قال بهدوء
_ انت عايزة تشوفيه
_ لا .
انطفيء بريق الأمل بداخله ولكنه مازال يحاول التمسك بحبال الصبر لذا قال بنبرة هادئة
_ طبعا دا حقك و أنا في بداية كلامنا عايزك تعرفي اني عمري ما هجبرك على حاجه. انا معاك في كل اللي أنت عايزاه.
رغما عنها خرج نفسا قويا من أعماقها فقد اراحتها كلماته إلى حد كبير ليندهش سالم قائلا
_ أنت كان عندك شك في كلامي دا
سالم بتفهم
_ لا اطمني و اطمني أوي كمان . بس في شويه حاجات عايزك تحطيها في اعتبارك وأنت بتفكري في اللي جاي .
لبنى باستفهام
_ حاجات ايه
استعاد حديثه مع جرير الذي برر ما حدث قائلا
_ مقدرتش امنعه أنه يشوفكوا حتى لو من بعيد يا سالم . حازم بقى احسن مما تتخيل . لدرجة اني مقدرتش ازعله ولا اكسر بخاطره لما شوفت في عنيه قد ايه انتوا وحشتوه .
_ حازم اتغير اوي يا لبنى . مبقاش الشاب المستهتر بتاع زمان . لا . دا بقى راجل بمعنى الكلمة . راجل تقدري تعتمدي عليه .
لمح بوادر الخۏف على ملامحها فقال بلهجة هادئة
للمرة التانية انا مش هجبرك على حاجه . بس حبيت تعرفي دا . حازم اتربى من اول وجديد انا نفسي مكنتش مصدق ان دا حازم اخويا . عايزك تفكري و تستخيري ربنا قبل ما تقرري اي حاجه بخصوص موضوعك أنت وهو .
_ على فكرة يا لبنى حازم مقربلكيش . اللي عمل كدا سعيد .
اللهم سخر لي الأرض ومن عليها والسماء ومن فيها وسخر لي الناس من حولي ومن وليته أمري وارزقني من حظوظ الدنيا والآخرة أجملها
حانت اللحظة المرتقبة للجميع فقد كان يخطو الى المزرعة و بداخله زوبعة من المشاعر يتوجها اللهفة و يعانقها الشوق يغلفهم الندم على كل ما اقترفه من آثام أبعدته عن احبائه .
كان أن خطا أول خطواته إلى داخل المزرعة حتى شعر بأن نسمات هوائها العليلة لفحته ليأخذ نفسا قويا مريحا ملأ رئتيه فحتى هواء بيته مختلف . امتدت يد جرير تربت بقوة فوق كتفه وهو يقول محفزا
_ ايه يا عم . ما تيالا اتشجع كدا . دا الحبايب متجمعين كلهم مستنيينك.
الټفت يناظره بأنفاس متسارعه و ابتسامة مهتزة من ردة فعل الجميع ولكنه لم يعلق بل أخذ يواصل تقدمه ليتفاجيء بتلك التي شقت نهنهات الفرح جوفها وهي تراه قادما أمامها فلم تعد قادرة على الصبر إذ تركت يد سالم وتوجهت إليه تقابله بلهفة أم عاد غائبها و شفي مريضها و كبر صغيرها و أخيرا اهتدى ذلك الضال الذي أدمى قلبها ألما ليندفع هو الآخر و صوت نهنهات يخترق آذانهم ليتقابل الاثنين في عناق قوي تلاحمت به الأجساد و القلوب التي علت آهاتها و تحولت إلى نحيب فأخذ حازم يضم والدته بقوة وهو يقول من بين عبراته الغزيرة
_ سامحيني يا أمي . سامحيني يا غاليه . حقك عليا .
أجابته أمينة بحړقة من بين انهار الۏجع المتساقط من بين مآقيها
_ وحشتني يا نور عين أمك .
أخذ يقبل يديها و كتفيها و ذراعيها وهو يهتف بحړقة
_ حقك عليا يا غاليه . حقك عليا يا ماما . انا بحبك اوي والله.
تفاجئت حين ترك يديها و سقط يقبل أقدامها وهو يقول پقهر تكلله عبرات الندم
_ سامحيني يا غاليه . سامحيني . انا اسف والله . انا اسف يا ماما .
ارتمت بجانبه تحتضنه بقوة وهي تهتف بحړقة و تأثر من فعلته
_ مسمحاك يا قلب امك . مسمحاك .
عانقها بقوة وداخله ينتفض ألما و ندما و شوقا فقد حرم من دفء أحضانها التي تحوي براح العالم أجمع بينما حشر نفسه في تلك الدنيا الفانية لاهثا خلف ملاذات زائفة لا تساوي مثقال ذرة أمام شعوره الآن بين ذراعي والدته فاراح رأسه فوق صدرها ليستكين صدره ليتفاجيء حين وجد ذراعين قويتين لشقيقه الأكبر وهو يعانقهم و الدمع يتساقط من بين مآقيه و قد كانت هذه هي المرة الأولى الذي يراه بها يبكي فاقترب منه يمسك كفه يقبله بندم تجلى في نبرته و دموعه التي لا تنضب
_ سامحني يا سالم . سامحني يا اخويا و ابويا و كل حاجه .
جذبه سالم إلى أحضانه فرغما عن كل شيء فهو طفله الأول و شقيقه الأصغر قطعة من روحه أجبره واجبه و مبادئه على نفيه و أبعاده حتى يختبر مرارة أفعاله و يحصي نتائجها ولكن الآن هزم أمام عبرات أخيه و ندمه و رغما عن كل شيء لم يستطع إلا أن يحتويه بداخل أحضانه و لكم كان ذلك الواقف بعيد يتمنى لو يعانق شقيقه بقوة و يخبره بأنه يفتقده يشتاقه ولكنه لا يجرؤ على السماح و لكم كان ذلك مؤلم فهو شقيقه الأصغر من تربى على يديه ولكنه للأسف لم يحسن تربيته لذلك لم يحمله الذنب وحده فقد تشارك الجميع في